الغُرَماءِ، وبعضُ الفقهاءِ المالكيِّينَ كمَكِّيِّ بنِ أبي طالبٍ يَحكي اتفاقَ السلفِ على ذلك، وفي هذا نظَرٌ؛ فعدَمُ ضَرْبِهم لها لا يعني إسقاطَ الحقِّ؛ لأنَّ مِثْلَ هذه المسألةِ نادرةُ الوقوعِ؛ أن يَجتمعَ غُرَماءُ مع زوجةٍ لم يُدخَلْ بها، وطَلَّقَها زوجُها ولم يَفرِضْ لها، وبعضُ المسائلِ المشهورةِ يشقُّ على العالم أن يَحكِيَ الإجماعَ عندَ السلفِ فيها مع عدَمِ معرِفةِ الخلافِ عندَهم؛ فكيفَ بمسألةٍ ضيِّقةِ الحدوثِ؟ ! وتواطُؤُهُمْ على مِثْلِها لو حدَثَتْ بعيدٌ.
ومَن لم يُوجِبْ مُتْعةَ المفوَّضةِ، فالأَولى ألَّا يُوجِبَ متعةَ غيرِها مِن المطلَّقاتِ، ومَن أوجَبَ متعةَ الطلاقِ كلِّه، فأوَّلُ ما يجِبُ منه مُتْعةُ المفوَّضةِ.
وفي الآيةِ إشارةٌ إلى وجوبِ المهرِ للزواجِ، وهو أَولى مِن المُتْعةِ المختلَفِ فيها، وسمَّاه اللهُ فريضةً.
وفي الآيةِ أيضًا: دليلٌ على صِحَّةِ الزواجِ بلا تسميةِ مهرٍ؛ وهو قولُ عامَّةِ الفقهاءِ، مع عدَمِ سقوطِه حقًّا للزوجةِ ولو بعدَ الدخولِ، ولها إسقاطُهُ عنِ الزوجِ؛ فاللهُ تعالى ذكَرَ طلاقَ المفوَّضةِ هنا، ولا يطلِّقُ إلَّا زوجٌ صحيحُ الزواجِ.
ولا يجوزُ عندَ العقدِ الاتفاقُ على تركِ المهرِ؛ وإنَّما الجائزُ تركُ تقديرِهِ.
ما يجبُ به المَهْرُ:
والمهرُ يجبُ بأحدِ أمرَيْنِ:
الأوَّلُ: بالفَرْضِ، فيجبُ كاملًا إذا مَسَّ ودخَلَ بالزوجةِ، ويجِبُ نِصْفُهُ إذا لم يدخُلْ بها.
الثاني: بالمَسيسِ ولو لم يَفْرِضْهُ، فيَجِبُ للزَّوْجةِ مهرُ المِثْلِ.