والتأجيلَ، ولكنَّه لا يقبلُ الإلغاءَ، والبراءُ لا يقبل التأجيلَ فضلًا عن الإلغاءِ.
التفريقُ بين الخصوم، وعدَمُ جَعلِهم في مرتبةٍ واحدةٍ:
وقد كان النَّبيُّ ﷺ في عَهدَيهِ بمكةَ والمدينةِ يُفرِّقُ بينَ خصومِهِ ولو اجتمعوا في المِلَّةِ؛ ففي مكَّة فَرَّقَ بينَ كافرٍ مناصرٍ كأبي طالبٍ، وبين كافرٍ مُعَادٍ كأبي جهلٍ وأبي لهبٍ وصَفْوَان وأبَيِّ بن خَلَفٍ وغيرِهم، فتبرأ مِن عقيدةِ الجميع، ولم يَستعدِ أبا طالبٍ لنُصرَتِه.
وعندَما هاجَرَ إلى المدينةِ كَثرَ أعداؤُهُ، وكَثرَ أصحابهُ، والأعداءُ يُفرِّقُ بينَهم بحسَبِ بعدِهم وقُربِهم، وشدةِ عداوتهم وخِفَّتها؛ فباعتبارِ القُربِ والبُعدِ: فالقريبُ: كاليهودِ والمُنَافِقِينَ، والبعيدُ: كالمشرِكِينَ بمكةَ، ثم النصَارَى في الشامِ وطَيِّئِ ونَجْرَانَ وغيرِها، والمَجُوسِ في فارسَ وما وراءَها.