للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَنَاتٌ، وَلَا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أوْ شَرَفَيْن، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ أثَارِهَا وَأرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلَا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهرٍ، فَشرِبَتْ مِنْهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا، إلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ) (١).

وعن زيدِ بنِ ثابتٍ؛ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: (مَنْ حَبَسَ فَرَسًا في سَبِيلِ الله، كَانَ سِتْرَهُ مِنَ النَّارِ) (٢).

وفي البِابِ أحاديثُ كثيرةٌ عن جريرٍ، وأبي كَبْشَةَ، وسَوَادَةَ بنِ الربيع، وعُبادةَ، وسَلْمانَ، وأنسٍ، وغيرِهم.

وقوله تعالى: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ فيه دليلٌ على وجوبِ ظهورِ المُسلِمِينَ على المشرِكِينَ، وأنَّ ظهورَ المُسلِمِينَ وتمكينَهُمْ وعِزَّتَهُمْ لا يكونُ إلَّا بوجودِ خوفِ المشرِكِينَ منهم، ولا يمكنُ أنْ يتحقَّقَ ذلك بالمحبَّةِ والمودَّةِ والصداقةِ.

وقد فسَّرَ ابنُ عبَّاسِ إرهابَ العدوِّ بإخزائِه، فقال: ﴿تُرْهِبُونَ﴾ تُخْزُونَ (٣)، ومِن لوازِمِ الخزيِ: الانكسارُ والتقهقُرُ والذَّلَّةُ والصَّغَارُ.

أنواعُ الإرهابِ والتخويفِ:

والإرهابُ على نوعَينِ:

الأوَّلُ: محمودٌ، وهو الأصلُ؛ لظاهِرِ القرآن، ويكونُ للعدوِّ المُحارِبِ؛ كما في هذه الآيةِ: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾، والمرادُ له الجهادُ في سبيلِ الله، فبَثُّ الرعبِ والإرهابِ في نفوسِ العدوِّ بإعدادِ المُسلِمِينَ لقوَّتِهم العسكريَّةِ مطلبٌ شرعيُّ؛ ومِن ذلك قولُه تعالى: ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [الأنفال: ١٢]


(١) أخرجه البخاري (٢٨٦٠)، ومسلم (٩٨٧).
(٢) أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (٢٥٢ المنتخب).
(٣) "تفسير الطبري" (١١/ ٢٤٦)، و" تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>