للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا غلَبَ على الظنِّ جهلُ المُصلِّي بالسُّنَّةِ ومنعِ الكلامِ، فلا يُسلَّمُ عليه؛ خشيةَ ردِّه السلامَ بالكلامِ.

حكم رَدِّ المصلِّي السلامَ؟

وأمّا ردُّ السلامِ مِن المُصلِّي على مَن سلَّمَ عليه، فعلى حالينِ:

الأُولى: الردُّ بالكلامِ؛ فهذا لا يجوزُ عندَ عامَّةِ الفقهاءِ، وهو قولُ الأئمةِ الأربعةِ، وعامةِ السلفِ، خلافًا لابنِ المسيَّبِ، وبقولِه قال الحسنُ وقتادةُ، فقد صحَّ عنهما القولُ بردِّ السلامِ في الصلاةِ؛ رواهُ عبدُ الرزَّاقِ عن معمرٍ عنهما (١).

وصحَّ عن جابرِ قولُهُ: "لَوْ سُلِّمَ عَلَيَّ وَأَنَا أُصَلِّي، لَرَدَدتُّ" (٢).

والصحيحُ: المنعُ؛ لاستفاضةِ الأدلةِ المرفوعةِ على المنعِ مِن الكلامِ؛ كما في حديثِ ابنِ مسعودٍ، وزيدِ بنِ أَرْقَمَ، ومعاويةَ بنِ الحَكَمِ، وغيرِها، مع خلافٍ عندَ العلماءِ في بطلانِ الصلاةِ بردِّ السلامِ بالكلامِ على قولَيْنِ:

فمَن ردَّ السلامَ بقصدِ ردِّ التحيةِ، وهو الأغلبُ والأصلُ، بطَلَتْ صلاتُه بِرَدِّه.

ومَن رَدَّ السلامَ وقصَدَ منه الدعاءَ، فالأصحُّ عدمُ البطلانِ؛ لأنَّه دعاءٌ، كما لو قال رجلٌ خارجَ الصلاةِ لمُصلٍّ: ادْعُ لي، فدَعَا له في صلاتِه، لم تبطُلْ صلاتُه.

وردُّ السلامِ بالكلامِ إنَّما مُنِعَ منه ولو قَصَدَ الدعاءَ به؛ لأنه في صورر خطابٍ وردِّ جوابٍ، ويُذهِبُ طُمأنينةَ الصلاةِ وخشوعَها وحضورَ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣٦٠٤) (٢/ ٣٣٨)، ولفظه: من معمر، عن الحسن وقتادة؛ قالا: "يَرُدُّ السَّلَامَ وَهُوَ فِي الصَّلَاة".
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>