للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي عليه الدليلُ، وعليه أكثرُ الصحابةِ والتابِعِينَ.

ومِن السلفِ والفقهاءِ: مَن نَهَى عمَّا دونَ الإزارِ؛ لأنَّه حَرِيمُ الفَرْجِ، وقد يكونُ ذريعةً للوصولِ إلى الفرجِ والوطءِ؛ وهو قولٌ للشافعيِّ.

وما رُوِيَ عن بعضِ السلفِ مِنْ كراهةِ مضاجَعةِ الحائضِ في لحافٍ واحدٍ؛ كما جاءَ عن عَبِيْدةَ السَّلْمَانِيِّ، وكراهةِ بعضِ السلفِ مُضاجعتَها في فراشٍ واحدٍ، كما جاء عن ابنِ عباسٍ: فهذا محمولٌ على الاحتياطِ؛ إمَّا لحالِ السائلِ، وإمَّا لحالِ المرأةِ أنْ تكونَ لا تَجِدُ ما تَسْتَثْفِرُ به، فتُنجِّسَ الفِرَاشَ ولباسَ زَوْجِها.

وهذا لا يقعُ على أصلِ المسألةِ؛ وإنَّما على الحالِ الخاصَّةِ، فمَن خَشِيَ على نفسِهِ المواقَعةَ، نُهِيَ عن المضاجَعةِ، كما يُنهَى الصائمُ عن القُبْلةِ وأصلُها مباحٌ.

ولهذا رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ: جوازُ ما فوقَ الإزارِ للرجلِ مِن امرأتِهِ الحائضِ، بل ما دُونَ ذلك؛ كما رواهُ عنه عِكْرِمةُ (١).

كَفَّارةُ وَطْءِ الحائضِ:

ومَن وَطِئَ امرأتَهُ زمنَ الحيضِ، فقد أَثِمَ بلا خلافٍ، واختلَفَ العلماءُ في لزومِ الكفارةِ عليه، وهي الصدقةُ، على قولَيْنِ:

الأولُ: عدمُ لزومِ شيءٍ إلا التوبةَ؛ وهو قولُ جمهورِ السلفِ والفقهاءِ، وبعضُ هؤلاء الفقهاءِ يَرَى أنَّ الكفارةَ بالصَّدَقةِ مستَحَبَّةٌ لا واجِبةٌ؛ وهو قولُ الحنفيَّةِ، والشافعيِّ في الجديدِ.

والثاني: يلزمُهُ الكفارةُ، وهي الصَّدَقةُ، وهو قولُ أحمدَ؛ لما في


(١) ينظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٧٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>