للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدقةُ على الأقاربِ:

والصدقةُ على الأقاربِ أفضَلُ مِن الأبعَدِينَ؛ لأنَّها صَدَقةٌ وصِلَةٌ، والهَدِيَّةُ على الأقرَبِينَ أفضَلُ مِن الصدقةِ على الأبعَدِينَ؛ لأثرِ هَدِيَّةِ القريبِ عليه في جَلْبِ فضائلَ عظيمةٍ كصِلَةِ الرَّحِمِ، وشَدِّ الأَزْرِ به عندَ الحاجةِ إليه في حقٍّ، وأثرُ الهديَّةِ في القريبِ أدوَمُ مِن أثرِ الصدقةِ في البعيِدِ؛ لِمَا في "الصحيحَيْنِ"؛ أنَّ مَيمُونةَ بنتَ الحارثِ أخبَرَتْهُ: أنَّها أعتَقَتْ وَلِيدَةً ولم تَسْتَأْذِنِ النبيَّ ، فلمَّا كان يَوْمُها الذي يَدُورُ عليها فيه قالت: أَشَعَرْتَ يا رسولَ اللهِ أنِّي أعتَقْتُ وَلِيدَتي؟ قال: (أَوَ فَعَلْتِ؟ )، قالتْ: نَعَمْ، قال: (أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ، كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ) (١).

وتتفاضَلُ الصَّدَقةُ والهديَّةُ والزَّكاةُ بعِظَمِ أَثَرِها المتعدِّي على الدافِعِ والقابِضِ، والأصلُ: أنَّ الزكاةَ أعظَمُ؛ لأنَّها فريضةٌ، والفريضةُ أعظَمُ مِن النافلةِ، ومَن يأبى أخذَ الصدقةِ والزكاةِ تعفُّفًا مع حاجتِهِ إليها، أو مَنْ تحرُمُ عليه الزكاةُ؛ كآلِ بيتِ النبيِّ : فالهديَّةُ له هنا أعظَمُ مِن الزكاةِ والصدقةِ.

* * *

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٥].

بيَّن اللهُ حُرْمةَ الرِّبا ببيانِ حالِ آكلِهِ يوم القيامةِ؛ قال ابنُ عبَّاسٍ:


(١) أخرجه البخاري (٢٥٩٢) (٣/ ١٥٩)، ومسلم (٩٩٩) (٢/ ٦٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>