أصغَرَ أنْ يدخُلَ المسجِدَ، ولكنَّ السَّكْرانَ والجُنُبَ يَحرُمُ عليهما ذلك؛ لقوله: ﴿لَا تَقْرَبُوا﴾؛ فالقُرْبْ قَدْرٌ فوقَ المُباشَرةِ، ولرفعِ الالتباسِ ذكَر اللهُ جوازَ تيمُّمِ الجُنُبِ عندَ فقدِ الماءِ بعدَ ذلك كما في قولِه: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾؛ ففي قولِه ﴿لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ بعد قوله ﴿وَلَا جُنُبًا﴾ إشارةٌ إلى اختلافِ الموضعَيْنِ في الحُكْمِ؛ فالأولُ نهيٌ عن موضعِ الصلاة، والثاني يتضمَّنُ نهيَ الجُنُبِ عن الصلاةِ بلا وضوءٍ أو تيمُّمٍ.
ولا فَرْقَ في حُكْمِ الجُنُبِ بين الحاضِرِ والمسافِرِ عندَ فقدِ الماءِ عندَ عامَّةِ السلفِ وجمهورِ الفقهاءِ؛ خلافًا لأبي حنيفةَ، وجماعةٌ مِن فُقَهاءِ الحنفيَّةِ لا يُفرِّقونَ كالجمهورِ؛ وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ والأوزاعيِّ.
مباشرةُ المعتكِفِ لزوجتهِ:
وفي الآيةِ: دليلٌ على تحريم الجِمَاعِ في المسجدِ للمُعتكِفِ وغيرِه؛ لدلَالةِ الآيةِ بالنهي عن قُرْبِ الصلاةِ للجُنُبِ، فسببُ الجنابةِ مِن بابِ الأوْلى.
الاحتلامُ في المسجد، وتخفيفهُ بالوضوء:
ومَن نام أوِ احتلَمَ لا يأثمُ؛ لعدمِ تكليفِهِ عندَ وُرُودِ السببِ عليه، ويخرُجُ يغتسلُ أو يتخفَّفُ مِن الجنابهِ بوضوءٍ؛ كما هو عملُ الصحابةِ؛ كما رواهُ سعيدُ بنُ منصورٍ والأثرَمُ، عن عطاءٍ؛ قال:"رأيتُ أصحابَ النبيِّ ﷺ يَجلِسونَ في المسجدِ وهم مُجنِبُونَ إذا توَضَّؤُوا وُضوءَ الصلاةِ"(١).
(١) "التفسير من سنن سعيد بن منصور" (٦٤٦) (٤/ ١٢٧٥)، و"تفسير ابن كثير" (٢/ ٣١٣).