للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابِضِ الزكاةِ أن يَصرِفَها لغيرِ أهلِها، فقد حرَّم على غيرِ أهلِها أن يَطْلُبوها ويأخُذُوها؛ فقد رَوَى أحمدُ وأهلُ السُّنَنِ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ) (١)، وفي "المسنَدِ" و"السُّننِ" أيضًا، مِن حديثِ عبد اللهِ بنِ مسعودٍ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيه، جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشٌ، أوْ خُدُوشٌ، أَو كُدُوحٌ فِي وَجْهِهِ)، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَمَا الْغِنَى؟ قَالَ: (خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَو قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ)، وقد أعلَّه يَحيى بن آدَمَ وغيرُهُ (٢).

إخراجُ المُكْرَهِ لِزَكَاةِ مالِهِ:

وإذا أخَذَ الإمامُ الزكاةَ أو الصَّدَقةَ مِن الغنيِّ بقُوَّةٍ وقهرٍ وغَلَبةٍ، فقد اختلَفَ العلماءُ في إجزائِها عن زكاتِه، وهل يَجِبُ عليه أن يُخرِجَ عِوَضًا عنها إن تاب؟ على قولَيْن، وهما وجهانِ في مذهبِ أحمدَ:

الأوَّلُ: تُجْزِيهِ باعتبارِ أنَّ الإمامَ نائبٌ عن المُسلِمينَ في أخذِ الحقوقِ وإعطائِها أهلَها، ونِيَّةُ الإمامِ تُجزِئُ عن نِيَّة الغنيِّ.

الثاني: أنَّها لا تُجزِئُ عن زكاتِهِ المفروضة، ولا تُقبَلُ صَدَقةً نافلةً، ورَجَّحَة ابنُ تيميَّةَ (٣)؛ لأنَّ النبيَّ كان يأخُذُها منهم بإعطائِهم إيَّاها، ثم بيَّن عدَمَ قَبُولِهِ لها، وبيَّن العِلَّةَ في عَدَمِ القَبُولِ بأنَّهم أَعطَوْها وهم كارِهونَ، فالعبادةُ التي تخرُجُ بإكراهٍ لا طَواعِيَةً وانقيادًا: لا تُقبَل، كمَنْ يُصلِّي مُكرَهَا خوفَ الضَّرْبِ أو الحَبْس، لا تُقبَلُ منه، ولو تابَ في الوقت، وجَبَت عليه الإعادةُ.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه أحد (١/ ٣٨٨)، وأبو داود (١٦٢٦)، والترمذي (٦٥٠)، والنسائي (٢٥٩٢)، وابن ماجه (١٨٤٠).
(٣) "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>