للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٣٠ - ٣١].

ابتدَأَ سليمانُ كتابَهُ إلى مَلِكةِ سبأٍ بباسمِ اللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ؛ تيمُّنًا وتبرُّكًا، وتعظيمًا للَّهِ تعالى واستعانةً به، وبراءةً مِن الحَوْلِ والقوةِ إلَّا به سبحانَهُ، وإشعارًا للمخاطَبِ بمَقَامِ الكتابِ والمكتوبِ؛ فإن البسملةَ تكونُ في الأمورِ والمَصَالِحِ الشريفةِ ذاتِ البالِ، ولا تكونُ في الوضيعةِ.

البَداءةُ بالبَسْمَلَةِ والفَرْق بينَها وبينَ الحَمْدَلَةِ:

يُشرَعُ عندَ المُكاتَباتِ والمُراسَلاتِ بينَ الناسِ البَدَاءة بالتسميةِ، وخاصَّةً عندَ الأمورِ الجليلةِ ذاتِ البالِ، ومِثلُ دلك عقودُ التجارةِ والديونِ والرهنِ والأجارةِ والصلحِ والإقطاعِ، وغيرُ ذلك.

وقد كان النبيُّ يَبدأُ بالبسملةِ في مُراسَلاتِه؛ كما في كتاباتِه إلى رؤوسِ البُلْدانِ وملوكِهم؛ ككتابِه إلى كِسْرَى فارسٍ، وهِرَقْلَ عظيمِ الرومِ، والمُقَوْقِسِ عظيمِ القِبْطِ، والنجاشِي مَلِكِ الحبشةِ، وملِكِ البحرَيْنِ المُنذِرِ بنِ سَاوَى، وقد جاء في "الصحيحَيْنِ" كتابُه إلى عظيمِ الرومِ، وفيه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ مِن محَمَّدِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ. . . " (١).

وكان يَبْدَأُ بالبَسْملةِ في عقودِ الصلحِ كصُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ، وكتاباتِ الإقطاعِ، كما في كتاباتِهِ لإقطاعِ بعضِ أصحابِه ككتابِهِ لتميمٍ الداريِّ، وسَلَمةَ بن مالكٍ، وغيرِهما.


(١) أخرجه البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣)؛ من حديث عبدِ اللَّه بن عباس .

<<  <  ج: ص:  >  >>