للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاتَهُ، قَالَ: (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ ! )، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ، فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيْهِمَا قَذَرًا -أَوْ قَالَ: أَذًى-)، وَقَالَ: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى المَسْجِدِ، فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أذًى، فَلْيَمسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا)؛ رواهُ أحمد وأبو داودَ (١).

الصلاةُ في النِّعَالِ، ودُخُولُ المساجدِ بها:

ولا يُؤخَذُ مِن هذه الآيةِ: عدمُ استحبابِ الصلاةِ بالنِّعَالِ؛ فإنَّ الصلاةَ بها محلُّ اتِّفاقٍ عندَ العلماء على جوازِها، وإنَّما الخلافُ عندَهم في الاستحبابِ مِن عَدَمِه؛ وذلك لثبوتِ الصلاةِ بها عن النبيِّ ؛ فقد كان يُصلِّي في نعلَيْه؛ كما ثبَت في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديث أنسٍ (٢)، بل كان يأمُرُ بذلك؛ كما أخرج أبو داودَ؛ مِن حديثِ شَدَّادِ بن أَوْسٍ؛ قال: قال رسولُ اللَّهِ : (خَالِفُوا الْيَهُودَ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ) (٣)، وقد كان يَفعلُ ذلك تارَةً وَيَنْزِعُهما تارَةً؛ كما روى عمرُو بن شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه؛ قال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا"؛ أخرجَهُ أبو داودَ وغيرُهُ (٤).

وقد اختلَفَ العلماءُ في النجاسةِ التي تُصِيبُ أسفَلَ النعلِ: هل تطهُرُ بدَلْكِها بالأرضِ وطولِ المشي عليها، أو لا بُدَّ مِن قَصْدِها بالغَسْلِ والتطهيرِ؟ على أقوالٍ ثلاثةٍ، وهي ثلاثُ روايات عن أحمدَ:

فقيل: إنَّها تطهُرُ بالدَّلْكِ وطولِ المشي في الأرضِ؛ وهذا قولٌ


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٩٢)، وأبو داود (٦٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٦)، ومسلم (٥٥٥).
(٣) أخرجه أبو داود (٦٥٢).
(٤) أخرجه أحمد (٢/ ١٧٤)، وأبو داود (٦٥٣)، وابن ماجه (١٠٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>