للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ) ثلاثًا (١).

وكان يُحرِّضُ على الرمي وتعلُّمِهِ الرجالَ والغِلْمانَ؛ كما في البخاريِّ؛ مِن حديثِ سَلَمةَ بنِ الأَكْوَعِ - رضي الله عنه -؛ قال: مَرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَمَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ؛ فَإِنَّ أَبَاكَمْ كَانَ رَامِيًا) (٢).

وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يحرِّضُهم على الأُمَمِ المخالِفةِ ويذكِّرُهم بالموافِقةِ؛ حتى يَتبيَّنوا أَمْرَهم، وربَّما فعَلَ ذلك على مِنْبَرِهِ؛ كما في "الصحيحَيْن"؛ مِن حديثِ نافعٍ؛ أنَّ عبدَ اللهِ أخبَرَهُ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال على المنبرِ: (غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ) (٣)، وفي حديثِ ابنِ عمرَ هذا، وحديثِ عقبةَ السابقِ: رَدٌّ على مَن خَصَّ منابرَ الجُمَعِ بالتذكيرِ بالآخِرةِ والتزهيدِ في الدُّنيا، وتجنَّب ما يتَّصِلُ بدِينِ الأُمَّةِ العامِّ في نفسِها ومع عدوِّها.

العَدَدُ الذي يجبُ معه الثَّباتُ أمامَ العدوِّ:

وأمَّا قولُهُ تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا}، فكان ذلك أوَّلَ الأمرِ؛ أمِرُوا بالصبرِ على العدوِّ مهما بلَغَ عددُهُ وعُدَّتُه، ما لم يَرِدْ على عَشَرةِ أضعافٍ، ثم خفَّفَ اللهُ عن أهلِ الإيمانِ بذلك فيما بعدَها، وعامَّةُ السلفِ على نسخِ هذه الآيةِ بقولِهِ تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}؛ وبهذا قال ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عمرَ وغيرُهما.

رَوَى البخاريُّ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -؛ قال: "لمَّا نزَلَتْ.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٩٩).
(٣) أخرجه البخاري (٣٥١٣)، ومسلم (٢٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>