للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامَّتِهم، ولا داوَمَ كبارُهُمْ عليه، فمِثْلُهُ يَشتهِرُ، ولعلَّهُ يقَعُ منهم تَوَاصِيًا بالحقِّ وتذكيرًا بحقِّ اللهِ بينَهما، لا دعاءً يَختَصُّ بالافتراقِ وختْمِ المَجالِس، ومِثْلُ هذا لو كان سُنَّةً، لَاستفاضَ بها العملُ، وتعدَّدتْ بها الطُّرُقُ؛ لكثرةِ الصحابة، وكثرةِ لقاءِ بعضِهم ببعضٍ، ولقاءِ الناسِ بهم مِن التابعِين.

ومِثْلُ هذا لا يَظهَرُ أنَّ النبيِّ يَفْعَلُهُ، ولو فعَلَهُ، فالمقطوعُ به أنه لا يُدِيمُهُ؛ لأنَّ مِثلَهُ يُنقَلُ.

* قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [يونس: ٢٢].

حُكْمُ رُكُوبِ البحرِ والغَزْوِ فيه:

ذكَرَ اللهُ تسييرَهُ لعبادِه في البَرِّ والبحرِ ممتنًّا بذلك عليهم، مذكِّرًا بنعمتِهِ ووجوبِ شُكْرِهِ وحقِّه بالعبادة، وذِكْرُ اللهِ للبحرِ وقَرْنُهُ السيرَ فيه بالبَرِّ: دليلٌ على أنَّ ركوبَ البحرِ كركوبِ البَرِّ مِن جهةِ إباحتِهِ وحِلِّه؛ وهذا له نظائرُ في القرآنِ؛ كقولِهِ: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [الإسراء: ٧٠]، وكقَرْنِهِ الاهتداءَ بالنجومِ لسائرِ البحرِ كسائرِ البَر في قولِهِ: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الأنعام: ٩٧]، وقال: ﴿أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [النمل: ٦٣]، وجعَلَ رُكوبَهُ وتسخيرَهُ كرامةً للإنسانِ؛ كما في قولِهِ: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الإسراء: ٧٠]، وجعَلَههُ

<<  <  ج: ص:  >  >>