للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولى: مَنِ استطاعَ أداءَها جماعةً أو جماعتَيْنِ بإمامٍ واحدٍ أو إمامَيْنِ؛ كما في صلاةِ الخوفِ، وجَبَ عليهِ أن يصلِّيَها كذلك، وألَّا يَدَعَ الجماعةَ لِعِلَّةِ الغَزْوِ فقَطْ، ولا يجازِفَ ويغامِرَ فيصلِّيَ جماعةً في حالِ خوفٍ وخطرٍ، فيُبِيدَهم العدوُّ في موضعٍ واحدٍ.

الثانيةُ: إذا شَقَّتِ الصلاةُ جماعةً أنْ يصلِّيَهَا، وهو يتمكَّنُ مِن أدائِها تامَّةً منفرِدًا بقيامٍ وركوعٍ وسجودٍ وخشوعٍ، وجَبَ عليه أنْ يؤدِّيَها بتلك الحالِ، ولا يجوزُ أداؤُها ماشيًا أو راكبًا بلا حاجةٍ.

الثالثةُ: عندَ العجزِ عن أدائِها بهيئتِها قيامًا وركوعًا وسجودًا، فيصلِّيها راكبًا وماشيًا، ولا حرَجَ؛ للآيةِ، وبها استدل أحمد بن حنبل على ذلك (١).

وكان أحمد يجعل حكم الأسير كذلك، فإن خاف من أداء الصلاة وهو يسار به أو يمنع من الصلاة، أنه يومئ إيماء الظاهر الآية (٢).

استقبالُ القبلةِ في صلاةِ الخوفِ:

ومَن تعذَّر عليه استقبالُ القِبْلةِ، واحتاج لاستقبالِ العَدُوِّ، أو حِرَاسةِ ثَغْرٍ يَخشى أن يُفاجَأَ معه، سقَطَ عنه وجوبُ استقبالِ القِبْلةِ؛ وبهذا قال عامَّةُ السلفِ وأكثرُ الخلفِ، وقد روى نافعٌ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ كان إذا سُئِلَ عن صلاةِ الخوفِ، وَصَفَها، ثمَّ قال: "فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذلك، صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا"؛ قال نافعٌ: لا أرى ابنَ عُمرَ ذكَرَ ذلك إلَّا عن رسولِ اللهِ ؛ رواهُ مالكٌ والبخاريُّ (٣).

ويُومِئُ الراجِلُ والراكِبُ إيماءً حيثُ كان وجهُهُ، ويكبِّرُ بلسانِهِ مستحضِرًا بقَلْبِهِ مواضِعَ الصلاةِ.


(١) مسائل عبد الله (١٣٢)، ومسائل ابن هاني (١٠٩).
(٢) مسائل صالح (٢٦٦).
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (٣) (١/ ١٨٤)، والبخاري (٤٥٣٥) (٦/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>