للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِن أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدتُّ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ، تُسَمِّي مَن أَحَبَّتْ بِاسْمِه، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَة، لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أرَادَهُنَّ، دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ، وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا، جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ - أي: الَّذِينَ يَعْرِفُونَ شَبَهَ الوَلَدِ بِالوَالِدِ بِالآثَارِ الخَفِيَّةِ - ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِه، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ" (١).

النكاحُ في الإسلامِ:

وقد عَظَّمَ اللهُ أمرَ النكاحِ في الإسلام، وحَفِظَ حقَّ الزوجَيْنِ والذريَّة، وسمَّى عقدَ النكاحِ وما يتضمَّنُهُ: "المِيثَاقَ الغليظَ"؛ قال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ٢١]، واللهُ لم يَصِفِ الميثاقَ بالغليظِ إلا في ميثاقِ عقدِ الزوجَيْن، وميثاقِهِ على الأنبياءِ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [الأحزاب: ٧]، وكذلك ميثاقُهُ على بني إسرائيلَ ألَّا يَعْدُوا في السبتِ نذيرًا لعذابِهِمُ الذي يَعْقُبُ عِصْيَانَهم للهِ: ﴿وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ١٥٤].

وإنَّما جعَلَ اللهُ المرأةَ هي التي تأخُذُ الميثاقَ في قولِهِ: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ٢١]، ولم يجعَلْهُ بينَ الزوجَيْنِ؛ لأنَّ المرأةَ هي مَن تُغلَبُ على حقِّها غالبًا؛ لضَعْفِها وقِلَّةِ قُدْرتِها على أخذِه.


(١) أخرجه البخاري (٥١٢٧) (٧/ ١٥) , وأبو داود (٢٢٧٢) (٢/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>