للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللهِ ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ : أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا (١).

قال الشافعيُّ: "لم أعلَمْ مُخالِفًا أنَّ رسولَ اللهِ قضى بالدِّيَةِ على العاقلةِ؛ وهذا أكثرُ مِن حديثِ الخاصَّةِ" (٢).

ديةُ قتلِ الإمامِ خطأ:

وأمَّا قتلُ الإمامِ أو نائبِهِ وعاملِهِ خطأً، فدِيَتُهُ على حالَيْنِ:

الأُولى: إن كانَ قتلُهُ في حالِ عمَلِهِ في رعيَّتِهِ وقيامِهِ بشأنِهم، فأخطَأَ على واحدٍ منهم؛ كخطَأِ أميرِ الجيشِ على الأَسْرَى، والأميرِ في الحِسْبَةِ والتأديبِ: فدِيتُهُ مِن بيتِ المالِ؛ وذلك لِما في البخاريِّ؛ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ؛ قال: بَعَثَ النبيُّ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَياسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ، فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ يَدَهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ، إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ - مَرَّتَيْنِ) (٣)، وبعَثَ عليًّا فوَدَى قَتْلاهُمْ وَمَا أُتْلِفَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى مِيلَغَةَ الكَلْبِ (٤).

وقد كانوا يُطلِقونَ على مَن أسلَمَ: صَبَأَ، وهو ذمٌّ، فأرادُوا أنْ يُبَيِّنُوا دخولَهم في الإسلامِ وعَدْلِه، فلم يَجِدُوا إلَّا كلمةَ: صبَأْنَا، فعَدَّها خالدٌ كفرًا، ولم يَعُدَّها النبيُّ كذلك، فوَدَى قَتْلاهم مِن بيت المالِ.


(١) أخرجه البخاري (٦٩١٠) (٩/ ١١)، ومسلم (١٦٨١) (٣/ ١٣٠٩).
(٢) "الأم" (٦/ ١٢٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٣٩) (٥/ ١٦٠).
(٤) "سيرة ابن هشام" (ط. السقا) (٢/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>