للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبي هريرةَ؛ كما يحكي بعضُ الأئمَّةِ عن أبي هريرةَ في المسألةِ قولَيْنِ.

ورُوِيَ مِثلُ هذا الإجمالِ عن عمرَ وعليِّ بنِ أبي طالبٍ وابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمرَ وفبادةَ وأُبَيِّ بنِ كعبٍ وأبي سعيدٍ وعائشةَ، ومنها ما هو معلولٌ، ومنها ما ليس بصريحٍ في الصلاةِ الجهريَّةِ؛ وإنَّما في القراءةِ خلفَ الإمامِ.

سكوتُ الإمامِ ليتمكَّن المأمومُ مِن القراءة:

وجاءَ عن بعضِ السلفِ كابنِ جُبَيْرٍ: أنَّ الإمامَ يسكُتُ لِيَقْرَأَ المأمومُ في الجهريَّةِ؛ وهذا لا يُحفَظُ عن أحدٍ مِن الصحابةِ؛ روى البخاريُّ في "جُزءِ القراءةِ"، عن عبد اللهِ بن عثمانَ بنِ خُثَيْمٍ؛ قال: "قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ، إِنَّهُمْ قَدْ أَحْدَثُوَا مَا لَمْ يَكُونُوا يَصْنَعُونَهُ؛ إِنَّ السَّلَفَ كَانَ إِذَا أَمَّ أَحَدُهُمُ النَّاسَ، كَبَّرَ ثُمَّ أَنْصَتَ، حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ مَنْ خَلْفَهُ قَدْ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَاب، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنْصِتُوا﴾ " (١).

وصحَّ عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ قولُهُ: "لَيْسَ خَلْفَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ" (٢).

ولا أعلَمُ أحدًا مِن الصحابةِ أوجَبَ على الإمامِ السكوتَ ليتمكَّنَ المأمومُ مِن القراءة، ولا أنْ يَتحيَّنَ المأمومُ سَكَتاتِ الإمامِ ليَقْرَأَ؛ وهذا الأمرُ لو كان في عَمَلِهم، لَنُقِلَ ولَظهَرَتْ شكوى الناسِ فيه؛ فقد كانوا يَشْتَكُونَ مِن طولِ صلاةِ بعضِ أئمَّتِهم ونوعِ ما يَقْرَؤونَ، ولم يَثبُتْ أنَّهم تكلَّموا بهذا، ولا اشتكَى الصحابةُ ولا التابعونَ للصحابةِ مِن عدمِ قراءتِهم في سَكَتاتِ أئمَّتِهم أو عدمِ سكوتِ أئمَّتِهم، مع كثرةِ المتعلِّمينَ


(١) أخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" (١٦٤).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>