للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوى أبو عُبَيْدٍ أيضًا عن الوليدِ بنِ مُسلِمٍ، عن صَفْوانَ بنِ عمرٍو، وسعيدِ بنِ عبد العزيزِ؛ أنَّ الرومَ صالَحَتْ معاويةَ على أنْ يُؤدِّيَ إليهم مالًا، وارتهَنَ معاويةُ منهم رَهْنًا، فجعَلَهُم ببَعْلَبَكَّ، ثم إنَّ الرومَ غدَرَت، فأَبَى معاويةُ والمُسلِمونَ أنْ يَستحِلُّوا قَتْلَ مَن في أيدِيهِم مِن رَهْنِهم، وخَلَّوْا سبيلَهم، واستفتَحُوا بذلك عليهم، وقالوا: وفاءٌ بغَدْرٍ، خيرٌ مِن غَدْرٍ بغَدْرٍ (١).

* * *

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦)[الأنفال: ٦٥ - ٦٦].

في هذه الآيةِ: حاجةُ المؤمنينَ إلى التحريضِ على قتالِ الكافِرِينَ والبَرَاءةِ منهم، والتحريضُ هو الوعظُ والحَضُّ على العمل، وهذا مِن واجباتِ الإمامِ والعالِم، وقد كان النبيُّ يُحرِّض أصحابَهُ على القُوَّةِ والرَّمْيِ وإعدادِ العُدَّةِ على مِنبَرِهِ وفي طريقِهِ؛ عندَ قيامِ الحاجةِ إلى ذلك.

تحريضُ النبيِّ على القتالِ:

وقد كان النبيُّ يأمُرُ بالإعدادِ على مِنْبَرِ الجُمُعةِ للعامَّةِ والخاصَّةِ؛ كما في مسلمٍ؛ مِن حديثِ عُقْبةَ؛ أنه سَمِعَ النبيَّ يقولُ وهو على المِنْبَرِ: (قَالَ الله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠]؛


(١) أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>