للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وعلى أهلِهِ وولدِه، وأثرُهُ على الزوجةِ وما تَستقبِلُهُ مِن أمرِها ونسَبِ ولدِها عظيمٌ، وقذفُ الأَبعدِينَ بعضِهم بعضًا قد يقعُ كُرْهًا وانتقامًا، ولا يتضرَّرُ القاذفُ، بل يتضرَّرُ المقذوفُ، ولكنَّ الزوجَيْنِ يتضرَّرانِ جميعًا، فجعَلَ اللَّهُ لقذفِ الزوجِ لزوجتِهِ حُكْمًا خاصًّا يختلِفُ عن أحوالِ القذفِ الأُخرى.

سببُ نزولِ لِعانِ الزَّوْجَيْنِ:

ويَظهرُ أنَّ سببَ نزولِ هذه الآيةِ كان في هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ وزوجتِهِ، واتَّهَمَ بها شَرِيكَ بنَ سَحْمَاءَ، ومثلُهُ وقَعَ مع عُوَيْمِرٍ العَجْلَانِيِّ وزوجتِه، وكِلا الحديثَيْنِ في "الصحيحَيْنِ"، وفيهما جميعًا: أنَّ اللَّهَ أنزَلَ فيهما؛ ففي قصةِ هلالٍ وزوجتِهِ، قال ابنُ عبَّاسٍ -وهو راوي الخبرِ-: "فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾، فقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ " (١)، وفي قصةِ عُوَيمِرٍ وزوجتِه، قال سهل بن سعدٍ راوي الخبرِ: إِنَّ النبيَّ قال لعُوَيمِرٍ: (قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ) (٢).

أمَّا حديثُ ابنِ عبَّاسٍ، فقد رواهُ البخاريُّ عنه: أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ : (البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ ! فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَقُولُ: (البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ)، فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: ﴿إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا، فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أحَدَكُمَا كَاذِبٌ،


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>