للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَبَدًا﴾، ولكنَّ هذا الإطلاقَ قُيِّدَ بعدَهُ بقولِه: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا﴾؛ والاستثناءُ عائدٌ على الشهادةِ والفسقِ جميعًا.

ويُشترَطُ للتوبةِ إظهارُها بعملٍ صالحٍ، وأمَّا حديثُ: (لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ)، فقد رواهُ أحمدُ وغيرُهُ؛ مِن حديثِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه (١)، ولا يصحُّ، والرُّواةُ عن عمرٍو متكلَّمٌ فيهم، ولو صحَّ فهو كعمومِ الآيةِ يُقيَّدُ بزوالِ العلةِ، وهي عدمُ التوبةِ.

وبقَبُولِ شهادتِهِ بعدَ توبتِه أخَذَ عمرُ بنُ الخطَّابِ وابنُ عبَّاسٍ وابنُ المسيَّبِ وعطاءٌ وطاوُسٌ ومجاهدٌ والشَّعْبيُّ وقتادةُ.

وذهَب الى عدمِ قَبُولِها مِن السلفِ ما دام حيًّا وإنْ تابَ: سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ والحسَنُ ومكحولٌ والنخَعيُّ.

ومَن لم يَقبَلْ شهادةَ القاذفِ أبدًا، جعَلَ الاستثناءَ في الآيةِ عائدًا على الفسقِ فقطْ.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ [النور: ٦ - ١٠]

بعدَما ذكَرَ اللَّهُ حدَّ الزانيَيْنِ، وعقوبةَ القذفِ، بيَّنَ اللَّهُ تعالى حُكمَ قذفِ الزوجِ لزوجتِه؛ لأنَّ الأمرَ يختلِفُ؛ لأنَّ قذفَ الرجُلِ لعِرضِهِ ثقيلٌ


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٠٨)، وابن ماجه (٢٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>