للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمِنة وكافِرةَ كأبي حنيفةَ، خلافًا لجمهورِ العلماءِ الذين قاسُوا كفَّارةَ اليمينِ على كفَّارة القتلِ.

ويختلِفُ أهلُ الأصولِ في المسائلِ التي تتَّفقُ حُكْمًا وتختلِف سببًا: هل يحمَلُ مطلَقها على مقيَّدِها أو لا؟ ومِن فروعِ هذه المسألةِ: الرقبة في كفارة اليمين.

ولما أراد معاوية بن الحَكَم عِتقَ رَقَبة، سألَها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أَينَ اللهُ؟ )، قَالَت: فِي السمَاء، فقال، (أعتقِهَا؛ فَإِنهَا مُؤْمِنَةْ) (١).

وهذا في كلُّ عِتقِ رقبةٍ مِن الكفاراتِ.

ويجب أن تكونَ الرقبةُ سليمةَ مِن العيوب، ولا فرقَ بينَ ذَكَرِ وأنثى، وكبير وصغيرٍ.

تكفيرُ اليمين بالصيام:

وقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}، لا خلافَ أنه لا يُصارُ إلى الصيامِ إلا بعدَ العجزِ عن الإطعامِ والكِسوةِ والرقبة، ويثبت العجز في الطعامِ بنقص قُوتِهِ إن أطعَمَ عن قوتِ عيالِه، وكِسوتهِ إن كَسَا عن كسوتِهم، ومِثله مَن لا يَملِكُ الطعامَ والكِسَاءَ وعِتْقَ الرقبةِ إلا بدَينٍ.

التتابُعُ في صيام الكفارة:

واختلَفَ العلماءُ في وجوبِ التتابعِ في كفارة اليمين، مع اتِّفاقِهم على فضلِه؛ لكونِه أبرَأ للذِّمةِ وأعجَلَ للبر والخيرِ:

فذهب أبو حنيفةَ، ومعه الشافعي وأحمدُ في قولِ لهما: إلى وجوب التتابُع؛ واحتجوا بقراءةِ أبَيٍّ وابنِ مسعود: (فَصِيَام ثلَاثَةِ أيام


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧) (١/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>