للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفىِ قوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ إشارةٌ إلى الترغيبِ في الزوجةِ الصالحةِ ذاتِ الدِّينِ؛ لأنَّ صلاحَها في أمرِ ربِّها يَتْبَعُهُ صلاحُها في حقِّ زوجِها.

وقولُه تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾:

أصلُ النشوزِ: الارتفاعُ، وسببُهُ الكِبْرُ والاحتقارُ والبغضُ، ومَن تكبَّرَ واحتقَرَ وأبغَضَ، عَصَى وخرَجَ عن الطاعة، والمرادُ: خروجُ المرأةِ عن طاعهِ زوجِها بالامتناعِ عن فِرَاشِه وسائرِ حقوقهِ عليها.

نشوزُ الزوجةِ وعلاجُهُ:

قولُه تعالى: ﴿فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾:

الوعظُ: التذكيرُ بحُكْمِ اللهِ مِن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ نبيِّه، والتخويفُ مِن عقابِه، والوعظُ بالحقِّ الفِطْريِّ العقليِّ الذي فُطِرَتِ النفوسُ عليه، والتذكير بالعهدِ المأخوذِ عليها وعليه.

وجعَلَ اللهُ علاجَ النشوزِ على مرتبتَيْنِ:

الأُولى: علاجُ البيوت، فلا يَخرُجُ الناسِ؛ حِفْظًا لحقِّ البيتِ وحُرْمَتِهِ مِن ذُيُوعِ ما فيه مِن أسرارِ؛ لتُحفَظَ هيبتُهُ وكرامتُهُ؛ حتى لا يقَعَ في أفواهِ مَن يُفسِدُ على أهلِ البيت أمرَهُمْ بالقَالَاتِ والنميمةِ والغِيبة، وقد جاء في "المْسنَدِ"، و"السُّنَنِ"؛ مِن حديثِ مُعاويةَ بنِ حَيْدَةَ مرفوعًا: (وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يُقبِّحْ، وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) (١)، فجعَلَ مَحَلَّ ذلك في البيت لا خارجَهُ؛ ليَحفَظَ للبيتِ حُرْمَتَةُ، وللزوجةِ كرامتَها، وجعَلَ اللهُ هذه المرتبةَ على حالاتٍ:


(١) أخرجه أحمد (٢٠٠١١) (٤/ ٤٤٦)، وأبو داود (٢١٤٢) (٢/ ٢٤٤)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٩١٣٦) (٨/ ٢٦٦)، وابن ماجه (١٨٥٠) (١/ ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>