للأعضاءِ؛ ليكونَ حدًّا مانعا مِن السرَفِ ووسواسِ الشيطان، وهذا نظيرُ الاستجمارِ بثلاثٍ، فإن لم تُنق، فيزيد حتى يُنقِيَ.
وفي ظاهرِ قوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ إشارة إلى الوضوءِ عندَ القيامِ مِن النومِ؛ ولهذا استدَلَّ بعضُ السلفِ كزيدِ بنِ أسلَمَ، وقال به الشافعي.
الموالاةُ في الوضوءِ:
وفي الآيةِ أيضًا: مشروعيَّةُ المُوالاةِ؛ وذلك أن اللهَ شرَعَ الوضوءَ عندَ القيامِ إلى الصلاة، والوضوء عندَ القيامِ إلى الصلاةِ يقتضي التتابُعَ والمُبادَرةَ، بخلافِ ما لو جاء الأمرُ بالوضوءِ للصلاةِ مطلَقا مِن غيرِ تقييدٍ بوقتِ القيامِ.
ولا خلاف عندَ العلماءِ في مشروعيةِ الموالاةِ في الوضوءِ؛ وإنما الخلافُ في وجوبِه.
والوجوب قولُ الجمهورِ.
وحَدَّ التتابُعَ بجفافِ العضوِ بعض السلفِ؛ كقتادةَ، وبه حدَّه أحمدُ.
وخففَ في التتابعِ ولم يُوجِبهُ بعض فقهاءِ السلفِ؛ كعطاء وبعضِ أهلِ الرأي، ولا ينبغي حملُ قولِهم على الفصلِ الطويلِ لساعاتٍ؛ وإنَّما ما تقارَبَ عهدًا كما بينَ بيتِ الإنسان ومسجد الذي يُنادَى به للصلاةِ ويسمعُ النداءَ وتجب عليه، فلو توضَّأ وضوءًا في بيتِهِ وأكمَلَه في مسجدِه، فلا حرَجَ؛ وهذا مروي عن ابنِ عمرَ.
وقد استدلَّ بآيةِ المائدةِ على وجوب الموالاة في الوضوءِ جماعة من الأصحابِ كما ذكره أبو الخطاب وابن مُفْلِح (١).