للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ النِّسَاءِ

سورةُ النساءِ سورةٌ مدنيَّةٌ جميعُهَا، ولهذا قال أكثرُ السلفِ؛ ففي البخاريِّ، عن عائشة؛ أنها قالتْ: "ما نَزَلَتْ سورةُ النساءِ إلَّا وأَنا عند رسول الله يعني قد بنَى بها - " (١).

وكذلك فإنَّ النساءَ نزَلَتْ بعد البقرةِ في قولِ عامَّةِ العلماء، وعند جمهورِهِم: أنها نزَلَتْ بعد آلِ عمران، وفد أنزَلَ الله فيها تفاصيلَ التشريعِ والأحكامِ خاصَّةً المتعلِّقةَ بالنساءِ من نكاحِهِنَّ وحقوقِهِنَّ بالمهرِ والنفقةِ والكسوةِ، وأحكامِ المواريث وعقوبةِ الفاحشةِ وتحريمِ عَضْلِهِنَّ، وبيان المحرَّماتِ مِن النساءِ وما يحلُّ منهنَّ، والقِوَامةِ عليهنَّ، وأحكامِ هَجرِهِنَّ والإصلاح لهنَّ، وبيَّن الله فيها جملةً مِن أحكامِ الشريعةِ؛ كالجهادِ وصلاةِ الخوفِ وغيرهما.

قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١].

في الآيةِ: وجوبُ صِلةِ الأرحامِ؛ لأنَّ اللهَ حرَّمَ قَطْعَها وعظَّمَ أمْرَها، وكانتِ الناسُ في الجاهليَّةِ تَسألُ بها؛ إدراكًا لِعِظَمِهَا، وفي قولِه: ﴿وَالْأَرْحَامَ﴾ قراءتانِ:

الأُولى: بالكسرِ عطفًا على الضميرِ المُجاوِرِ في قولِه: ﴿بِهِ﴾،


(١) "تفسير الطبري" (٦/ ٣٤٥)، و"تفسير ابن المنذر" (٢/ ٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>