للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لأنَّ الريحَ تنقُضُ الوضوءَ مِن أسفلُ، ولا تنقُضُ الوضوءَ إنْ خرَجَتْ مِن أَعْلى، وكِلاهما ريحٌ خارجةٌ مِن الجَوْفِ.

وإنْ كان هذا الرأيُ قويًّا، إلا أنَّ التعليلَ فيه نظرٌ؛ فإنَّ الرِّيحَيْنِ وإنْ خرَجَا مِن الجوف، فإنَّهما يختلِفان، فوجَبَ اختلافُ حكْمِهما، فليس جوفُهما واحدًا؛ فالفرقُ بينَ الرِّيحَيْنِ كالفرقِ بينَ الطعامينِ: القيءِ والغائطِ، فجوفُ الغائطِ غيرُ جوفِ القيء، وكذلك الريحُ.

الجماعُ ولَمْسُ المرأةِ:

وقوله: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ المرادُ به: الجماعُ في قولِ أكثرِ السلفِ مِن المفسِّرينَ والفقهاءِ؛ كعليٍّ وابنِ عباسٍ وأبَيِّ بنِ كعبٍ ومجاهدٍ وسعيدِ بنِ جُببرٍ والشعبيِّ وطاوسٍ وقتادةَ (١).

وقال بعضُهم: إنَّ المرادَ بالملامَسةِ مسُّ الجسدِ مِن غيرِ جِماعٍ؛ وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ والليثِ والأوزاعيِّ.

رَوَى طارقٌ عن ابنِ مسعودٍ؛ قال: "اللمسُ: ما دونَ الجِماعِ" (٢).

وقال غيرُ واحدٍ مِن السلفِ بأنَّ مسَّ المرأةِ ينقُضُ الوضوءَ؛ كابنِ عمرَ وغيرِه فيما رواهُ نافعٌ عنه: "أنَّه كان يتوضَّأ مِن قُبْلةِ المرأةِ" (٣).

ولكنَّهم اختلَفُوا في الحالِ التي يجبُ معها الوضوءُ:

فمنهم: مَن قيَّدَهُ بلمسِ الشهوةِ؛ كمالكٍ والشافعيِّ، بحائلٍ أو بغيرِ حائلٍ، ويخرُجُ على هذا مسُّ الزوجةِ للسلامِ وتناوُلِ المتاعِ، أو مسُّ المَحَارِمِ والصِّغارِ اللاتي لا يُشتهى مِثلُهُنَّ.


(١) "تفسير الطبري" (٧/ ٦٣ - ٦٨)، و "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٧٢٦)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٦١).
(٢) "تفسير الطبري" (٧/ ٦٩)، و "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٧٢٧)، و "تفسير ابن أبي حاتم"، (٣/ ٩٦١).
(٣) "تفسير الطبري" (٧/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>