للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوعُ الأولُ: صيد الحرمِ وشجرُه الأصلي محرَّمٌ، والمرادُ بالشجرِ الذي ينبتُ طبيعةً في الأرضِ ولا يستنبته الناسُ.

النوع الثاني: صيدُ الحرمِ وشجرُه غير الأصلي، والمراد بالصيدِ غيرِ الأصلي هو المجلوبُ مِن خارجِ الحرمِ لِيُذبحَ داخِلَهُ، فهذا لا حَرَجَ فيه، والشجرُ غيرُ الأصليِّ الذي يَستنبته الناسُ في مَزارِعِهِمْ بالغرسِ أو البَذْرِ كالنخلِ والعنبِ وأشجارِ الزينةِ التي يستنبتها الناس للظل وغيرِه في البيوتِ والطرقاتِ والحدائق، فلا حُرمةَ لها، وهي كحالِ الحيواناتِ الإنسِيَّةِ الغنمِ والبقرِ والإبلِ التي تنحر وتذبح, لأنها ليست صيدًا مستوحشًا، ومِثلها الدجاجُ والحَمَام التي يربيها الإنسانُ؛ لا حُرمة لها.

صيدُ الأهلي المتوحشِ:

وإذا كانتِ الحَمَام تحتَ تربيتِه، ثمَّ استوحَشت ولَحِقَت بصَيدِ الحرمِ فتوحَّشَتْ، أخَذَتِ اسم صيدِ الحرمِ وحُرمَتَهُ، ما لم يكن قد مَلَكَها بمالٍ، فلَحِقَت بصيدِ الحرم، جازَ له صيدها وتنفيرُها لأخْذِها, لأنها مِلْكٌ له، ومالُ الإنسانِ المملوكُ حقٌّ، وهو أعظمُ حُرمةً مِن صيدِ الحرم، فلا تغلب حُرمةُ الحرمِ عليه لمجرَّدِ توحشهِ بعدَ مِلكِه؛ لأن حُرْمةَ المِلكِ له أعظمُ عندَ اللهِ.

وتقدَّمَ في سورةِ البقرةِ الكلام على حُرمةِ مكةَ وحُكمِ إقامةِ الحدودِ فيها، فلتُنظَر.

وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} دليلٌ على فرضيةِ الحج في الإِسلام، ورُكنيته فيه، ففي "الصحيحينِ"، مِن حديثِ ابنِ عمرَ, قال - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ الإسلَامَ بُنيَ عَلَى خَمسٍ: شَهَادَةِ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وإقَامِ الصلاة، وإيتَاءِ الزكاة، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وحجِّ الْبَيتِ) (١).


(١) أخرجه البخاري (٨) (١/ ١١)، ومسلم (١٦) (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>