للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغَسْلِ المَوْتَى، ودَفْنِهم (١).

وبعضُ السلفِ كعطاءٍ: يجعلُ الآيةَ على أعيانِ الصحابةِ في زمنِ النبيِّ ؛ لحاجةِ النبيِّ إليهم في ذلك الزمانِ، ثمَّ كان على الكفايةِ في غيرِهم.

ولا يظهرُ مِن قولِ عطاءٍ وفقهِهِ: أنْ يُخرِجَ الآيةَ مِن العمومِ، بل كلُّ مَن شابَهَتْ حالُهُ حالَ النبيِّ ، أخَذَ الحُكْمَ في الآيةِ.

على مَنْ يجبُ الجهادُ:

وهو واجبٌ عَلَى الحُكَّامِ والأُمَراءِ بأعيانِهم أن يُقِيمُوهُ ما قَدَرُوا عليه، ويأثَمُونَ إنْ توافَرتْ شروطُهُ وانتفَتْ موانعُهُ، ولا خلافَ عندَ العلماءِ في هذا؛ فعن أبي إسحاقَ الفَزَارِيِّ، قال: سألتُ الأوزاعيَّ عن قولِ اللهِ ﷿: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾: أوَاجِبٌ الغزوُ عَلَى الناسِ كلِّهم؟ قال: لا أعلَمُهُ، ولكنْ لا ينبغِي للأئمَّةِ والعامَّةِ تَرْكُهُ، فأمَّا الرجلُ في خاصَّةِ نفسِهِ، فلا (٢).

خصيصةُ الغنائمِ للأمَّةِ:

وقد جعَلَ اللهُ مِن خصائصِ هذه الأُمَّةِ الغنائمَ؛ وذلك لقولِهِ تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [الأنفال: ٦٩]، وفي الحديثِ: (وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي) (٣)، وتخصيصُ الأُمَّةِ بالغنائمِ قرينةٌ على أنَّ القتالَ مشروعٌ للجميعِ بأسبابِه؛ لأنَّه لو لم يكنْ مشروعًا، لَمَا كان لتخصيصِ الغنائمِ بأُمَّةِ محمدٍ حِكْمةٌ ظاهرةٌ، لعدمِ قيامِ سببِ الغنائمِ على جميعِ الأممِ، وهو مشروعيَّةُ الجهادِ؛ فالغنيمةُ مِن ثمرةِ الجهادِ وتَبِعَاتِه.


(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٦٤٤ - ٦٤٥).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٦٤٤).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٥) (١/ ٧٤)، ومسلم (٥٢١) (١/ ٣٧٠)؛ من حديث جابر بن عبد الله .

<<  <  ج: ص:  >  >>