للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهما هو تكلُّفٌ وتصنُّعٌ لا بُدَّ أن يَزولَ عدَ أدنى شِدَّةٍ ومِحْنةِ أو تغيُّرِ حالٍ.

* * *

قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: ٣٨].

مِنْ رحمةِ اللهِ بالكفَّارِ: عدمُ مؤاخَذَتِهم لما سلَفَ منهم مِن حقِّ اللهِ وحقِّ المخلوقِين؛ فاللهُ يُسقِطُ ذلك عنهم بعَفوِه؛ تشَوُّفًا لاتِّباعِهم الحقَّ وعودتِهم إلى فِطْرتِهم، ولو أُخِذُوا بما سلَفَ منهم مِن حقِّ اللهِ؛ مِن سَبِّ اللهِ والتعدِّي على دِينِهِ ونبيِّه، ومِن حقِّ المخلوقينَ؛ مِن قتلِ المُسلِمينَ وسَلْبِ أموالِهم وسَفْكِ دمائِهم-: لَمَا أقبَلَ منهم أحدٌ إلَّا ما رحِم اللهُ.

الكافرُ والمُرْتَدُّ والحقوقُ التي عليهما:

والكافرُ إذا دخَلَ الإسلامَ، فعلى حالتَيْنِ:

الحالةُ الأُولى: إنْ كان كافرًا أصليًّا؛ فيسقُطُ كلُّ حقٍّ عليه للهِ وللعباد، مِن دمٍ أو مالٍ أو عِرْضٍ بالإجماعِ؛ لظاهِرِ هذه الآية، ولاستفاضةِ عملِ النبيِّ مع الداخِلينَ في الإسلام ممَّن قاتَلَهُ واعتَدَى عليه بنفسِهِ وعلى أصحابِه، فما أخَذَ على قريشٍ وأَهلِ الطائفِ طَرْدَهم وضَرْبَهم له، ولا على مَن قاتَلَهُ في بدرٍ وأُحُدٍ وحُنَيْنٍ وغيرِها، لمَّا دخَلَ الإسلامَ؛ إذْ لم يُؤاخِذْهم بشيءٍ، حتى لمَّا دخَلَ وَحْشِيٌّ الإسلامَ وكان قد قتَلَ حمزةَ، وهو أعظَمُ مُصابٍ للنبيِّ ، لم يُؤاخِذْه النبيُّ بذلك.

ولا يُؤخَذُ منهم المالُ الذي سَلَبُوهُ، ولا يُقادَونَ بدمٍ أراقُوه، ولا بعِرْضٍ انتهَكُوه.

وفي هذا كلِّه دَلَالةٌ على أنَّ غايةَ المُسلِمينَ إخضاعُ الناسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>