للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن حديثِ أبي هريرةَ، قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (قَالَ سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّه، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَطَافَ عَلَيهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ) (١).

الاستثناءُ في اليمينِ:

وذِكْرُ الاستثناءِ في اليمينِ يَحُلُّ عَقْدَها؛ فإنَّ لليمينِ عَقْدًا لا بدَّ أن يَبقى، ويُحَلُّ بالاستثناءِ أو الكفَّارة، ومَن استثنَى عندَ حَلِفِه، لم يَلزَمْهُ الوفاءُ باليمينِ؛ لأنَّ الاستثناءَ يَحُلُّها ويجعلُ الحالفَ كأنَّه لم يَحلِفْ، ويُروى في الحديثِ مرفوعًا: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإنَّ لَهُ ثُنْيَاهُ) (٢).

ورُوِيَ عن ابنِ عمرَ نحوُهُ مرفوعًا (٣) وموقوفًا (٤)، والأرجحُ وقفُه.

وبعضُ الفقهاءِ مِن أصحابِ مالكٍ يَرَى أنَّ الاستثناءَ يَرْفَعُ الكفارةَ، ولكنَّه لا يَحُلُّ اليمينَ.

والأشهَرُ: أنه حَلٌّ لليمين، وعلى هذا عامَّةُ السلفِ.

وعامَّةُ العلماءِ: أنَّ الاستثناءَ إنْ كان متَّصِلًا باليمين، فإنَّه يَرفعُ وجوبَ وفائِهِ بها، ولكنَّهم اختلَفوا في حدِّ الاتِّصالِ المعتبَرِ تأثيرُهُ في الاستثناءِ، وفي الاستثناءِ المنفصلِ خلافٌ يسيرٌ.

أمَّا الاستثناءُ المتَّصِلُ: فيتَّفِقونَ على أنَّ ما كان اتصالُ الاستثناءِ


(١) أخرجه البخاري (٦٦٣٩)، ومسلم (١٦٥٤).
(٢) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٠٣).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ١٠)، وأبو داود (٣٢٦١)، والترمذي (١٥٣١)، والنسائي (٣٨٢٨).
(٤) "سنن الترمذي" (١٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>