للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة فصلت]

سورةُ فُصِّلَتْ مكيَّةٌ، وقد حُكِيَ الإجماعُ على ذلك (١)، ومَعَانِيها ظاهرةٌ في الدعوةِ إلى التوحيد، وبيانِ منزلةِ القرآنِ وخصائصِهِ المعجِزةِ، ورسالةِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وحقيقةِ دَعْوتِه، وخصومِهِ وأقوالِهِمُ الباطلةِ، وخَلْقِ اللَّهِ وإبداعِهِ الخَلْقَ والكَوْنَ، وذِكْرِ قصصِ بعضِ السابِقِينَ وأحوالِهم وعاقِبَتِهم، وأحوالِ المُعانِدِينَ يومَ العَرْضِ، وحالِ المُتَّقِينَ الصابِرِينَ وحُسْنِ عاقبتِهم، وبيانِ سَعَةِ عِلْمِ اللَّهِ وقُوَّتِهِ وإحاطتِه.

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: ٦ - ٧].

في هذا: وعيدٌ مِن اللَّهِ لتارِكِ الزكاةِ، وجعَلَ ذلك مِن أوصافِ المشرِكِين؛ وبهذا قال قِلَّةٌ مِن العلماءِ؛ أنَّ تاركَ الزكاةِ كافرٌ؛ لأنَّ اللَّهَ ذكَرَ أسبابَ كفرِ المشرِكِينَ وعَدَّ منها الزكاةَ، وفي هذا نظرٌ؛ لأنَّ اللَّهَ ذكَرَ شِرْكَهم، وذلك أنَّه أخرَجَهُمْ مِن عبادةِ إلهٍ واحدٍ كما يوحِّدُ المؤمنونَ، ولكنْ ذكَرَ تَرْكَهم للزَّكَاةِ علامةً على عدمِ إيمانِهم لها، ومِن القرائنِ على ذلك: أنَّ سورةَ فُصِّلَتْ مكيَّةٌ، وفي زمنِ فرضِ الزكاةِ خلافٌ، ولا خلافَ


(١) ينظر: "تفسير القرطبي" (١٨/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>