للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُفرَضُ عليه الديةُ كالمؤمِن، فحُكْمُ الديةِ عامٌّ، ولا بُقتَلُ بالخطأِ الذي لا عداوةَ فيه ولا شُبْهةَ في القصدِ.

كفَّارةُ قتلِ الخطأ:

ثمَّ ذكَرَ اللهُ كفَّارةَ القَتْلِ الخطأِ على نوعَيْنِ:

الأولُ: حقٌّ للهِ، وهو إعتاقُ رقَبةٍ مؤمِنةٍ، وإنَّما قَدَّمَ الإعتاقَ على الدِّيَةِ، تغليبًا لجانبِ حقِّ اللهِ الذي لا يُسقِطُهُ إلا الحجزُ؛ فالديةُ يُسقِطُها أهلُ القتيل، ولكنْ لا يُسقِطُونَ تحريرَ الرَّقَبة، ولأنَّ حَقَّ اللهِ في القتلِ أظهَرُ وأَقْوَى مِن حقِّ أهلِ القتيل، فصاحِبُ الحقِّ لا يَملِكُ إسقاطَ حقِّه؛ لموتِه، بخلافِ بقيَّةِ الجِرَاحاتِ وظُلْمِ الأموالِ؛ فالحقُّ للإنسانِ فيها.

وَيَتْبَعُ تحريرَ الرقبةِ بَدَلُها عندَ عدَمِ وجودِها، وهو صيامُ شهرَيْنِ مُتتابعَيْنِ.

ولهذا أوْجَبَ تحريرَ الرفبةِ المؤمِنةِ في كلِّ مقتولٍ خطأً مِن المعصومِينَ؛ مؤمنًا كان أو كافرًا معاهدًا، حتى في قَتلِ مَن لا وارِثَ له، أو مَن لا وارِثَ له إلَّا كافرٌ محارِبٌ، وأمَّا الديةُ، فلم يُوجِبْها اللهُ إلَّا لأهلِ المقتولِ المؤمِنِينَ أو المعاهَدِينَ.

الحكمةُ من الدية، والفرقُ بين الذكر والأنثى:

الثاني: حقٌّ لأهلِ المقتول، لا للمقتولِ نفسِه، وهي الدِّيَةُ.

والدِّيةُ جَبْرٌ عن منفعةِ الميِّتِ لأهلِه، حيثُ تسبَّبَ القاتِلُ في فَقْدِه، ولمَّا اختَلَفَتْ منفعةُ الميِّتِ الذَّكَرِ عنِ الميتِ الأُنثى لأهلِهما، كانتْ ديةُ المرأةِ على النِّصْفِ مِن ديةِ الرجُلِ، مع أنَّهما يَتساوَيانِ في النَّفْسِ وقيمتِها عندَ القِصَاصِ، فيُقتَل الرجلُ بالأنثى، والعكسُ، بل لو تواطَأَ عَشَرةُ رجالٍ على قَتْلِ طفلةٍ في مَهْدِها، قُتِلُوا بها؛ فالديةُ ليستْ قِيمَةً للنَّفْسِ؛ وبهدا يُعلَمُ بطلانُ ما يَذكُرُهُ أصحابُ المدارسِ العقلانيةِ مِن ردِّ عدمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>