وقيل: رجلٌ مِن أهلِها، ورُوِيَ هذا عن ابنِ عبَّاسِ وقتادةَ وعِكْرمةَ (١).
شهادةُ القَرِيبِ على قَرِيبِه، والأخذُ بالقرائنِ:
وفي قوله تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ دليلٌ على قَبُولِ شهادةِ القرب على قريبِه؛ وذلك أنَّ الشاهدَ مِن أهلِها لو شهِدَ لامرأةِ العزيز، لكان مُتَّهَمًا، ولكنَّه لمَّا شهِدَ عليها، دَلَّ على صِدْقِه.
وشهادةُ القَراباتِ وأهلِ الميتِ تُقبَلُ مِن بعضِهم على بعضٍ، ما لم يكنْ هناك تُهَمَةُ خصومةٍ؛ لأنَّ القرب مع قريبِهِ والشريكَ مع شريكِهِ بينَهما محبَّةٌ ومودَّةٌ، ويُحِبُّ جَلْبَ الخيرِ له ودفْعَ الشرِّ عنه، فإِنْ شَهِدَ عليه، فكان لتمحُّضِ صِدْقِهِ وإخلاصِهِ في طلبِ الحقّ، ما لم يكنْ هاك تُهَمةٌ بينَهما ككراهيةٍ؛ كشهادةِ الزوجةِ على زوجِها وبينَهما خصومةٌ وكُرْهٌ، وكذلك سائرُ القَرَابات، وهذا يُرجَعُ فيه إلى معرفةِ الحال، وأمَّا شهادةُ القراباتِ والشُّرَكاءِ بعضِهم لبعضٍ، فلا تُقبَلُ؛ للتُّهَمةِ في ذلك.
وفي هذا: اعتبارُ القريةِ في الفَصْلِ في الخصوماتِ؛ فإنَّ قميصَ يوسُفَ شُقَّ مِن دُبُرِه؛ لأنَّها كانت تطلبُهُ وهو يهرُبُ منها إلى الباب، فجُعِلَ شَقَّ القميصِ مِن الخَلْفِ قرينةَ على هروبِهِ منها، وجُعِلَ شقٌّ
(١) "تفسير الطبري" (١٣/ ١٠٨ - ١١٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢١٢٩).