في هذا توسعةٌ للمحرِمِ في حِلِّ صيدِ البحرِ له، ولم يُستثنَ منه شيءٌ إلَّا ما استثنى اللهُ أصلَ حِلِّهِ ممَّا يُستخبَثُ منه، فما جاز أكلُهُ مِن صيدِ البحرِ للحلال، فهو جائزٌ للمحرِمِ على السَّوَاء، وما كُرِهَ أو اختُلِفَ فيه على الحلال، فهو مكروهٌ أو مختلَفٌ يه على المحرمِ سواءً؛ ولذا قال تعالى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾، فيَحِلُّ للمحرِمِ ما يَحِلُّ للمسافِرِ المستمتِعِ بصيدِ البحرِ، والسَّيَّارة هم أهلُ الأمصارِ وأجناسُ الناسِ كلِّهم؛ كما قالهُ مجاهدٌ وغيرُه (١).
واختُلِفَ في بعضِ الحَيَوانِ: هل هو مِن صَيْدِ البَرِّ أو البحرِ؛ كالجَرَادِ وغيرِه؟ وطعامُ البحرِ: ما رماهُ مِن حيوانِه، فوُجِدَ ميِّتًا.
تحريمُ صيدِ الحلالِ للمحرِمِ ولغيرِهِ:
وقولُه: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾، فيه دليلٌ على تحريمِ الصيدِ بذاتِه، ولو كان الصائدُ غيرَ المحرِمِ ما دام صِيدَ لأجْلِه، ومَن صادَهُ أو طلَبَ أن يُصادَ له ولو كان الصائدُ حلالًا، فالكفَّارةُ على المحرِم، وإنْ عادَهُ غيُرهُ له وهو لم يَعلَمْ، فلا كفَّارةَ عليه، إلَّا أنه يحرُمُ عليه أكلُهُ، ومَن أكَلَهُ، أَثِمَ بأكلِه ولا زيادةَ على كفَّارتِهِ السابقةِ؛ وعلى هذا عامَّةُ السلفِ وأكثرُ الفُقهاءِ.
(١) "تفسير الطبري" (٨/ ٧٣٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٢١٢).