للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومُنِعْنَ الجماعةَ؛ لأنَّهُنَّ تَشَرَّفْنَ إلى الرجالِ، والبروزِ لهم؛ كما روى عبدُ الرزاقِ، عن هشام بنِ عروةَ، عن أبيهِ، عن عائشةَ، قالتْ: "كَانَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَّخِذنَ أَرْجُلًا مِن خَشَبٍ، يَتَشَرَّفْنَ لِلرِّجَالِ فِي المَسَاجِدِ؛ فَحَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِنَّ المَسَاجِدَ، وَسُلِّطَت عَلَيْهِنَّ الحَيْضَةُ" (١).

حضورُ النساءِ للمساجِدِ، وفضل صلاتهنَّ بالبيوتِ:

وحضورُ النساءِ للمساجدِ في الإِسلامِ جائزٌ، وصَلاتُهنَّ في بُيُوتِهنَّ أَفْضَلُ، وصلاةُ الليلِ منهنَّ أخَفُّ مِن صلاةِ النهارِ؛ لأنَّها أستَرُ، ويتَّفِقُ السلفُ على أنَّ صلاةَ المرأةِ في بيتِها أفضلُ مِن صلاتِها جماعةً، وظاهرُ الأصولِ: أنَّ أجْرَها في بيتِها ولو منفردةً كأجرِ الرجُلِ في جماعةٍ؛ كما في الحديثِ: (بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) (٢)، لأمرينِ:

الأولُ: أنَّ مقتضَى تفضيلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لهنَّ الصلاةَ في البيوتِ: يُفِيدُ فضلَ صلاةِ البيوتِ على المساجدِ جماعةً، وهنَّ لا يُدْفَعْنَ إلى عملٍ ويكونُ غيرُهُ المأمورُ بتركِهِ أعظمَ أجرًا منه.

الثاني: أنَّ الأصلَ في عملِ الرجلِ والمرأةِ التَّساوِي في الثوابِ والعقابِ؛ فالحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سبعِ مِئةِ ضعفٍ، والسيئةُ بمِثلِها، وكلُّ عملٍ يعملُهُ الجنسانِ يتساويانِ في الثوابِ فيه، إذا أتَيَا بالصورةِ المشروعةِ لكلِّ واحدٍ منهما.

وهذا مُقتضَى العدلِ الإلهيِّ في الجزاءِ، وكذلك فإنَّ مُقتضَى العدلِ الإلهيِّ في التشريعِ: أنَّ كلَّ عملٍ يختصُّ به الرجلُ، ولا يُناسِبُ فِطْرةَ المرأةِ، إلا وجعَلَ اللهُ مُقابلَهُ عملًا آخَرَ للمرأةِ لو عمِلتْهُ، لَنَالَتْ ثوابَ الرجلِ في عملِه، كما في الجهادِ شُرِعَ للرِّجالِ، وجُعِلَ الحجُّ للنساءِ؛


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٥١١٤) (٣/ ١٤٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٥) (١/ ١٣١)، ومسلم (٦٥٠) (١/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>