للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يدومَ بقاءُ غيرِ مَحْرَمٍ في البيتِ وليس فيه إلَّا نساءٌ وأَبُوهُنَّ شيخٌ كبيرٌ، كما ظهَر ذلك في الآيةِ بعدَه، وهذا جريًا على الفِطْرةِ، لا تغليبًا للتُّهَمَةِ؛ فإنَّ التزامَ الشرعِ في الحجابِ وغضِّ الطَّرْفِ وتحريمِ الخَلْوةِ والاختلاطِ مع قرارٍ: عامٌّ لجميعِ المكلَّفين؛ لا مقامَ فيه لتمييزِ الصالحينَ عن غيرِهم.

* * *

* قال تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القصص: ٢٧].

لمَّا رأى صاحبُ مَدْيَنَ مِن موسى أمانَتَهُ وصيانتَهُ لعِرْضِهِ وهو غريبٌ، لَمَسَ منه الوِلَايةَ والدِّيَانةَ، فعرَضَ عليه الزواجَ مِن ابنتِه.

عَرْضُ البناتِ لتزويجِهِنَّ:

وفي قوله تعالى: ﴿أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾ استحبابُ عَرْضِ البناتِ والأخواتِ على الأزواجِ الأكفَاءِ، وذلك لا يَعِيب الرجلَ ولا ابنتَهُ، وقد عرَضَ عمرُ بنُ الخطَّابِ حَفْصةَ على بعضِ خِيارِ الصحابةِ كأبي بكرٍ وعثمانَ؛ كما أخرَجَ الإمامُ البخاريُّ في بابِ (عَرْضِ الإنسانِ ابنتهُ أو أختَهُ على أهلِ الخيرِ): "أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَة السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِن أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَتُوُفيَ بِالمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبَثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِى أَلَّا أتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرِ الصِّدِّيقَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَرْجِع إِلَيَّ شَيْئًا، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ خَطَبَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>