للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكافِل اليتيمِ يكونُ في مقامِ البائعِ والمشتري؛ أصيلًا عن نفسِه، ووكيلًا عنِ اليتيمِ، وربَّما وقَعَ في البيعِ نوعُ شائبةٍ ولو دقيقةً لا يُدْرِكُها الإنسانُ، ورُبَّما كان ثَمَّةَ ظِنَّةُ سُوءٍ في عمَلِهِ مِن اليتيم إذا كَبِرَ ورَشَدَ، أو مِن قَرَابَاتِه، فأدَّى ذلك إلى خصومةٍ ونزاعٍ.

وهذا على الاحتياطِ والاحترازِ، وأمَّا جوازُ أصلِ البيعِ في مالِه، فهو موضِعُ خلافٍ عندَ الفقهاءِ:

فعن مالكٍ في المشهورِ عنه: الجَوَازُ.

ورُوِيَ عن عمرَ وعائشةَ وابنِ عمرَ والحسنِ بنِ عليِّ والنَّخَعيِّ.

روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عنِ القاسمِ؛ قال: "كنَّا أيتامًا في حَجْرِ عائشةَ، فكانت تُزَكِّي أموالنَا، وتُبضِعُها في البَحْرِ" (١).

وقال أبو حَنِيفةَ: "له أن يَشترِيَ مالَ الطِّفْلِ اليتيمِ لنَفْسِهِ بأكثَرَ مِن ثَمَنِ المِثْلِ؛ لأنَّه إصلاحٌ دلَّ عليهِ ظاهرٌ القرآنِ".

ومنَعَ منه الشافعيُّ في النكاحِ، وفي البيعِ؛ لأنَّ اللهَ لم يذكُرْ في الآيةِ التصرُّفَ، بل قال: ﴿إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾؛ فذكَرَ الإصلاحَ، ولم يذكُرِ التصرُّفَ.

وعلى قولِ الشافعيِّ: يجوز البيعُ منه والشِّرَاءُ له؛ إذا كان ذلك برِبْحٍ بيِّنٍ؛ كالمِثْلِ وشِبْهِه.

قال محمَّدُ بنُ عبدِ الحَكَمِ: "وله أنا يبيعَ له بالدَّيْنِ؛ إن رَأَى ذلك نَظَرًا".

تزويجُ اليتيمِ:

واختُلِفَ كذلك في تزويجِه؛ لأنَّ في تزويجِهِ مَهْرًا يُدفَعُ مِن مالِ اليتيمِ، وهو تصرُّفٌ في مالِه:


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢١٣٧٥) (٤/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>