للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِن نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وكلُّ علَّةٍ ظاهرةٍ أو خفيَّةٍ في تشريعِ الوِلَايةِ على المرأةِ في زواجِها منتفِيةٌ في حقِّه - صلى الله عليه وسلم -، فهو أكمَلُ البشَرِ وسَيِّدُهم.

وجاء في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ في البِكْرِ، قال: "وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا" (١)، فذِكْرُ "أبوها" غيرُ محفوظٍ؛ تَفرَّدَ به ابنُ عُيَيْنةَ، وأنْكَرَهُ مع جلالَتِهِ الحُفَّاظُ، أنكَرَهُ أبو داودَ؛ فقال: "أبُوهَا" ليس بمحفوظٍ" (٢).

وقال الدَّارَقُطنِيُّ: "لا نَعلَمُ أحدًا وافقَ ابنَ عُيَيْنَةَ على هذا اللفظِ؛ ولعلَّه ذَكَرَهُ مِنْ حِفْظِه، فسبَقَ إليه لسانُه" (٣).

والسلفُ لا يَختلِفونَ أنَّ الثَّيِّبَ والبِكْرَ البالغَتَيْنِ لا يختلِفانِ في أنَّهما لا يزوَّجانِ إلِّا بإذنِهِما؛ قاله الشافعيُّ وغيرُهُ.

وإذا اجتمَعَ علي الزوجةِ خاطِبانِ، بعدَ خروجِها مِن عِدَّةِ طلاقِها الرجعيِّ: زوجُها الأوَّلُ، وخاطبٌ جديدٌ، فرجوعُها إلي زوجِها الأوَّلِ أَوْلَى إنْ لم يكُنْ فيه ما يَقدَحُ في دِينِه؛ لأنَّ الأوَّلَ أقرَبُ إلى الأُلْفَةِ وإصلاحِ ما سلَفَ، وأعرَفُ بالحالِ، وأقرَبُ للنَّدَمِ مِنْ طلاقٍ جديدٍ، وأصلَحُ للذُّرِّيَّةِ إنْ وُجِدَتْ بينَهما، وإن اختارَتْ غيرَهُ، فلا تُكْرَهُ عليه.

عَضْلُ النساءِ:

وقولُه تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}: ذكَرَ الأزواجَ وعودتَهُنَّ إليهم؛ لأنَّ الأولياءَ ربَّما يعضُلُونَ النساءَ لحظِّ أنفُسِهِمْ، وانتصارًا لها مِن تساهُلِ زوجِها بطلاقِها، والرجالُ يَجِدُونَ ما لا تَجِدُهُ النساءُ؛ فنُفُوسُهنَّ أقربُ للرَّجْعةِ والأُلْفةِ والعفوِ مع الأزواجِ، فلا يَحِلُّ للولِيِّ أنْ يَمْنَعَها مِنْ رَجْعةِ زوجها لأجلِ نفسِه.


(١) أخرجه مسلم (١٤٢١) (٢/ ١٠٣٧).
(٢) "سنن أبي داود" (٢/ ٢٣٣).
(٣) "سنن الدارقطني" (٤/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>