للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يستدرِكُوه في يومٍ، فإذا أرادُوا ترشيحَ أحدٍ قام بحملةٍ على المنابِرِ الإعلاميَّة يُعرِّفُ بنفسِه بما لا يملِكُ الناسُ معه وقتًا لتمييزِ الصادقِ مِن الكاذب، فيأخُذُون رأي الأفرادِ جميعًا في يومٍ أو أيَّامٍ على مَن لا يعرِفُه أكثرُهم إلا فيها، حتى يُنفِقَ المرشَّحُ في بعض الدُّولِ مئاتِ الملايينِ وربما مِليارًا وأكثَرَ؛ وذلك ليُعِيدوا ما فَكَّكُوه مِن روابطِ الفِطْرةِ والشريعة، ولكنْ بصُورةٍ يَغلِبُ عليها التدليسُ والخِدَاع.

وأمَّا عند كثير مِن المسلِمِين: فذلك أنَّ الأصلَ في العُرَفاءِ والنُّقَباءِ أنهم يخرُجُون بن وسطِ الناسِ في عقودٍ حيثُ سَبَرُوا حالَهم وعَرَفُوهم خيرَهُم وشَرَّهُم وكمالَهم ونَقْصَهم، فسَادُوا بالدِّينِ والعلمِ والعَقْلِ والخُلُقِ والصِّدقِ والأمانةِ؛ فيظهَرُ العُرَفاءُ اضطرارًا لا اختيارًا، ولكن يتسلَّطُ بعضُ الحُكَّام فيضَعُ على الناسِ عُرَفاءَ ونُقَباءَ فيُقَرِّبُ مَن يوافِقُه ولو كان مِن وسطِ الناس ويُبعِدُ مَن يُخالِفُه ولو كان مِن رَأْسِهم، ثم يأخُذُ رأيَهم على أنه رأيُ رؤوسِ الناس الذين يجتمِعُون عليهم.

أهلُ الحلِّ والعقدِ:

وأمَّا أهلُ الحَلِّ والعَقْدِ، فهو معنًى قديمٌ قَرَّرَتْهُ الشريعةُ ودلَّ عليه عملُ الأنبياء، ولكنَّه مصطلحٌ متأخِّرٌ، وظهَرَ في كلامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ وغيرِه ممَّن جاء بعدَهُ، وإنَّما يُتَّخَذُونَ فيما يتعلَّقُ باختيارِ الحاكمِ والأُمورِ العِظامِ التي يُخشَى مِن عدمِ انقيادِ الناسِ له بها، ويشتَرَطُ لي أهلِ الحَلِّ والعَقدِ: أن يكونوا رؤوسًا في قومِهِمْ، ولا يُشترَطُ فيهم العِلْمُ وإنما يجبُ أنْ يتوافَرَ فيهم مِن العلم العلمُ بشُروطِ الإمامِ والإمامةِ في الإسلامِ؛ وأنْ يَتوافَرَ فيهم الدِّين والأمانةُ، وإن كانوا علماءَ، فذلك أكمَلُ، ولكنَّه ليس بشرطٍ، ما دام الحاكمُ الذي يختارونَهُ تتوافرُ فيه شروطُ الإسلامِ في الحاكم.

وأهلُ الحَلِّ والعَقْدِ يكونونَ مِن النُّقَباءِ؛ لأنَّهم أهلُ عِلْمٍ بقومِهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>