للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: ٥٨].

في الآيةِ: ذِكرُ الأذانِ للصلاة، ولم يأتِ ذِكرهُ مطلَقًا إلا في هذا الموضع، وجاء في سورة الجمُعةِ مقيدًا بالأذانِ للجمُعة، وجاءَتِ الإشارةُ إليه كما في قولِهِ تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢]، وآيةُ الباب في استهزاءِ أهلِ الكِتابِ بالأذانِ وسخْرِيَّتهم منه، ومَن تأذَّى مِن الأذان للصَّلاةِ ولم يُحِبهُ لِذَاتِه، ففيه شبَه مِن الشيطانِ؛ ففي "الصحيحَين"؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا نُودِي لِلصلَاةِ أَدبر الشَّيطَان وَلَهُ ضراط؛ حَتى لَا يَسمَعَ التَّأذِين، فَإذَا قَضَى الندَاء أقبلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصلَاة أدْبَرَ، حَتَّى إذَا قَضَى التثوِيب أَقبَلَ، حَتَّى يخطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفسِه، يَقولُ: اذْكرْ كَذا؛ اذكرْ كذا، لِمَا لَم يَكن يَذْكرُ؛ حَتى يظَل الرجُل لَا يَدرِي كم صَلَّى) (١).

مشروعيةُ الأذانِ وفضلُه:

وفي الآيةِ: مشروعية الأذانِ وفضلُهُ، وهو مِن خصائصِ هذه الأمة، وهو فرضُ كفايةِ على أهلِ البلد، فيؤذنُ فيهم مَن يُسمِعُهمْ جميعًا، فإن توسعتِ البلدُ، تعددَ المؤذِّنونَ، ويشرَعُ حتى للمسافِرين؛ ففي "الصحيحَينِ"؛ قال - صلى الله عليه وسلم - لمالكِ بنِ حُوَيرث: (إِذَا حَضَرَتِ الصلَاةُ، فَليُؤَذنْ لَكم أحَدُكمْ) (٢)، ويشرعُ للمنفَرِدِ في حَضر أو في سفرِ أنْ يُؤذن لنفسِه، فإن كان في حَضرِ فاتته الجماعة أو سقَطَت عنه، أسمَعَ نفسَهُ ومَن حولَه، ولا يَخرُج على سطحِ بيته؛ حتى لا يزاحم المُؤذنَ الراتب، وإن كان في سفر، رفَعَ صوتَه كما لو كان في المِصرِ.


(١) أخرجه البخاري (٦٠٨) (١/ ١٢٥)، ومسلم (٣٨٩) (١/ ٢٩١).
(٢) أخرجه البخاري (٦٢٨) (١/ ١٢٨)، ومسلم (٦٧٤) (١/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>