للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَلبَسُ الإنسانُ مِن جلودِ الأنعامِ وشَعَرِها ما يَبقى معه أعوامًا، والأكلُ منها يَستهلكُه في يومِه.

وظاهرُ القرآنِ والسُّنَّة دالٌّ على أنَّ جلودَ بهائمِ الأنعامِ المُذَكَّاةِ طاهرةٌ جائزةُ الاستعمالِ، وهذا لا خلافَ فيه.

الانتفاعُ مِن جُلُودِ المَيْتَةِ:

وقد اختلَفَ العلماءُ في جلودِ المَيتَةِ: هل يجورُ الانتفاعُ بها بعدَ دَبْغِها أم تأخُذُ عمومَ تحريم المَيتَةِ؟ على أقوالٍ:

ذهَب أكثَرُ الفقهاءِ إلى أنَّ الدِّباغَ يُطهِّرُها، والسُّنَّة دالَّةٌ على أنَّ جِلدَ المَيتةِ إذا دُبِغَ فهو طاهرٌ؛ وذلك لقولِه في حديثِ ميمونةَ لمَّا مَرَّ بمَيتةٍ: (هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ) (١)، وقولِهِ : (أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) (٢).

ولمالكٍ قولٌ أنَّ جلودَ المَيتةِ لا تَطهُرُ بالدِّباغ، ولكنَّه يُنْتفَعُ مِن الجِلدِ بالشيءِ اليابس ولا يُصلَّى عليه ولا يُؤكَلُ فيه، كما رواهُ عنه ابنُ عبد الحَكَمِ (٣).

وذهَب أحمدُ إلى أنَّ المَيتةَ لا يُنتفَعُ منها بشيءٍ؛ لحديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ (٤)، وقد ضعَّفَ الحديثَ ابنُ مَعِينٍ (٥) وغيرُه.


(١) أخرجه مسلم (٣٦٣).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢١٩)، والترمذي (١٧٢٨)، والنسائي (٤٢٤١)، وابن ماجه (٣٦٠٩).
(٣) "التمهيد" (٤/ ١٥٦ - ١٥٧)، و"تفسير القرطبي" (١٢/ ٣٩٨).
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ٣١٠)، وأبو داود (٤١٢٨)، والترمذي (١٧٢٩)، والنسائي (٤٢٤٩)، وابن ماجه (٣٦١٣).
(٥) "تاريخ ابن معين" - رواية ابن محرز (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>