للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقارب صفوف الرجالِ والنساءِ بالمسجد الحرام:

وكان هذه الآيةِ: أخَذَ بعضُ السلفِ الترخيصَ في اجتماعِ الرجالِ والنساءِ في المسجدِ الحرامِ للعبادةِ بلا مماسَّةٍ، على خلاف الأصلِ المانع مِن الاختِلاطِ.

ومن هذه الآيةِ يُؤحَذ التيسيرُ في مواضعِ الصفوف؛ خاصةً عندَ المشقَّةِ والزحامِ، ولا يَختلفُ العلماء: أن السنةَ أنَّ مواضعَ صفوف الرجالِ أمامَ النساء، وأن التباعدَ هو الأفضلُ، ولكن يُخفَّفُ في ذلك عندَ الزحام في المسجدِ الحرامِ, فقد روى ابنُ أبي حاتم، عن عُتبة بنِ قيس؛ قال: "بكَّة بكَّتْ بَكًّا، الذكَرُ فيها كالأنثى، قيل له: عمّن هذا؟ قال: عن ابنِ عمرَ" (١).

وهو عنه: صحيح.

وروى سعيد عن قتادةَ قولَه: "إنَّ اللهَ بَكَّ به الناسَ جميعًا، فيصَلي النساءُ أمامَ الرجالِ، ولا يُفعَل ذلك في بلد إلا في مكةَ".

وحَكَاه ابن أبي حاتمٍ، عن مجاهدِ وسعيدٍ بنِ جبير وعِكرِمةَ وعمرِو بنِ شعيبٍ ومقاتلِ بنِ حيَّانَ (٢).

السترةُ في المسجِدِ الحرامِ:

وبهذا استدَل غيرُ واحدٍ على أن السترةَ في البيتِ الحرامِ يخفَّفُ في حُكْمِها أكثرَ مِن غيرِه, لِما سبَقَ، ولمشقَّةِ ذلك على الناسِ، وهذا ظاهرُ قولِ مَن سبقَ مِن السلفِ، ونصَّ عليه أبو جعفرِ محمدُ بن علي بنِ الحسينِ وابن الزبيرِ وطاوس، ومحمدُ بنُ الحنفيةِ وابن جُرَيج وقال به أحمدُ, فقال "مكةُ ليست كغيرِها؛ كأن مكةَ مخصوصةٌ".


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٧٠٨).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٧٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>