للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَظْعُونٍ، قَالَ عَبْد اللهِ: وَهُمَا خَالَايَ، قَالَ: فَخَطَبْتُ إِلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ ابْنَةَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَزَوَّجَنِيهَا، وَدَخَلَ المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ - يَعْنِي: إلَى أُمِّهَا - فَأَرْغَبَهَا فِي المَالِ، فَحَطَّتْ إِلَيْه، وَحَطَّتِ الْجَارِيَةُ إِلَى هَوَى أُمِّهَا، فَأَبَيَا حَتَّى ارْتَفَعَ أَمْرُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ: يَا رَسُولَ الله، ابْنَةُ أخِي أَوْصَى بِهَا إِلَيَّ، فَزَوَّجْتُهَا ابْنَ عَمَّتِهَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَلَمْ أُقَصِّرْ بِهَا فِي الصَّلَاحِ وَلَا فِي الْكَفَاءَة، وَلَكِنَّهَا امْرَأَةٌ، وَإِنَّمَا حَطَّتْ إِلَى هَوَى أُمِّهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (هِيَ يَتِيمَةٌ، وَلَا تُنْكَحُ إِلَّا بِإِذْنِهَا)، قَالَ: فَانْتُزِعَتْ وَاللهِ مِنِّي بَعْدَ أَنْ مَلَكْتُهَا، فَزَوَّجُوهَا المُغِيرَةَ" (١).

قالوا: لو كانتْ صغيرةً قبلَ بلوغِها، لم يكنْ لها استئذانٌ؛ لأنَّ الصغيرةَ يُزوِّجُها وليُّها، فسمَّاها يتيمةً، وأمَرَ باستئذانِها؛ استصحابًا لاسمِ اليُتْمِ الذي كانتْ عليه قبلَ بلوغِها.

ولمَّا كانتْ ولايةُ اليتيمةِ في النكاحِ قاصرةً، شُدِّدَ في ذلك؛ فالأصلُ أنَّ النفوسَ تحتاطُ لبنتِها مِن صُلْبِها عندَ تزويجِها وهي صغيرةٌ ما لا تحتاطُ للبنتِ مِن غيرِ صُلْبِها، فربَّما أراد الوليُّ والوصيُّ الخلاصَ مِن اليتيمةِ وهي صغيرةٌ؛ وهذا لا يكونُ في الأبِ مع ابنتِه.

تعدُّدُ الزوجاتِ:

وكان العربُ يَنكِحونَ في الجاهليَّةِ عشرَ نسوةٍ مِن الأَيَامَى، ثمَّ جعَلَ اللهُ ذلك في أربعِ نِسْوةٍ فقطْ؛ قاله ابنُ عبَّاسٍ (٢)، وحدُّ تعدُّدِ النساءِ بأربعٍ متَّفقٌ عليه عندَ السلفِ والخلف، وخالَفَتِ الرافضةُ.

وكانتْ ثقيفٌ مِن أكثرِ قبائلِ العربِ في الجاهليَّةِ تعدُّدًا للنساءِ,


(١) أخرجه أحمد (٦١٣٦) (٢/ ١٣٠).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٣٦٥)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>