للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عَوْرةِ بيتٍ أنْ يُفقَأَ عينُه؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ) (١)، ولا تُهدَرُ العينُ إلَّا بفعلِ كبيرةٍ مِن الكبائرِ، ثمَّ إنَّ الأصلَ فيما نَهى اللَّهُ عنه صريحًا في القرآنِ: أنَّه كبيرةٌ، ما لم يدخُل عليه قرينةٌ تَصرِفُهُ عن ذلك.

وقولُه تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}، فيه تحريمُ الغِيبَةِ، وهو ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكرَهُ؛ كما جاء أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ )، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ)؛ رواهُ مسلمٌ (٢).

وإذا كان المتكلَّمُ فيه شاهدًا، فليستْ بغِيبَةٍ، وقد يكونُ مباحًا وقد يكونُ حرامًا؛ بحسَبِ الدافعِ له والمقصودِ منه، وبحسَبِ مطابَقَةِ الكلامِ للحقِّ.

والغِيبةُ مِن الكبائرِ، وتكونُ عَظَمَتُها بمقدارِ الكلامِ المتلفَّظِ به، وبحسَبِ أثرِها على أهلِها وعلى الناسِ، والغِيبةُ أكثرُ ما يُهلِكُ الناسَ ويُذهِبُ حسناتِهم وهم لا يَشْعُرون.

الأحوالُ التي تجوزُ فيها الغِيبَةُ:

والأصلُ في الغِيبَةِ التحريمُ، إلَّا أنَّها تجوزُ في حالاتٍ ستٍّ:

الحالةُ الأُولى: المظلومُ، الذي يذكُرُ ظالمَهُ بالقَدْرِ الذي يرجو به عَوْدةَ حقِّه، وعندَ مَن يظُنُّ أنَّه ينصُرُهُ أو يُعِينُهُ برأيٍ، وبالقَدْرِ الذي


(١) أخرجه البخاري (٦٩٠٢)، ومسلم (٢١٥٨).
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٨٩)؛ من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>