للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أخلَصَ مِن عمَلِه شيئًا حالَ كُفْرِه، فيُعَجَّلُ له نفعُهُ في الدُّنيا فيَستَمتعُ بنعيمِهِ فيها قَبلَ الآخِرةِ: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ [الأحقاف: ٢٠].

النوعُ الثاني: أعمالٌ أشرَكَ بها حالَ كُفْرِه، فجعَلَها لمعبودِه؛ أو أشرَكَ اللهَ مع معبودِه؛ فهذه لا يَقبَلُ الله منها شيئًا ولو كثُرتْ؛ لِظاهِرِ الآية، ولِما جاءَ في "الصحيح"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال : (قَالَ الله : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ) (١).

وهذه لا تُقبَلُ مِن المُسلِمِ المُرائِي، فضلًا عن الكافرِ الأصليِّ.

إحباطُ عمل المرتدِّ:

ومَن عَمِلَ صالحًا وهو مسلِمٌ مخلِصًا ثمَّ ارْتَدَّ، حَبِطَ عملُهُ بلا خلافٍ؛ لقولِهِ تعالى في الكافرينَ: ﴿فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [البقرة: ٢١٧]، وقولِهِ: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: ٥]، وقولِهِ: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ٨٨]، وقولِهِ: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [الأعراف: ١٤٧]، وقولِهِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: ١٠٥]، وقولِهِ: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ [الأحزاب: ١٩].

وقولِهِ تعالى عن أَعْلَى الناسِ منزِلةً وهم الأنبياءُ: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥].

وإنَّما وقَعَ الخلافُ فيمَن عَمِلَ صالحًا وهو مؤمنٌ، ثمَّ ارتَدَّ، ثمَّ رجَعَ إلى الإسلامِ؛ فهل يَرجِعُ إليه عملُهُ الصالحُ السالفُ حالَ إسلامِه؟


(١) أخرجه مسلم (٢٩٨٥) (٤/ ٢٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>