للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترتيبُ أعضاءِ الفرضِ الواحدِ:

وأمَّا عدمُ الترتيب بينَ أعضاءِ الفرضِ الواحدِ؛ كالقَدمَيْنِ واليدَينِ في الغَسْل، وفي الخُفينِ في المسح، فالأمرُ فيه يسير، وقد جاء عن علي وابنِ مسعود القول بجوازِ تنكيس الأعضاء، وهو منقطِع عنهما، وحمَلَهُ أحمد على تقديمِ اليُسرَى على اليمنَى في العضوِ من الفرض، كما نقَلَه عنه ابنُه عبد الله، وقد استدَلَّ أحمد بجوازِ ذلك بإجمالِ الكتابِ؛ كما نقله عنه ابن هانئ (١)؛ وهي رواية أنكرها الزركشي (٢).

ويروى عن أحمد رواية بوجوب تقديم اليمين على الشمال، وقد قال بجواز تنكيس الأعضاء جميعا النخَعي والحسَنُ والثوري، وبه قال أهلُ الرأيِ.

ويخفف بعض السلفِ في تركِ اللُّمعةِ والبُقْعةِ اليسِيرةِ من عضوٍ قد غسَلَهُ؛ فلا يرَوْنَ في استدراكِها بعدَ الوضوءِ مِن حَرَج، ولو كانتْ في غيرِ القدمِ كالوجهِ واليد، ولا يرَونَ غسلَ ما بعدَها؛ وجاء هذا عن سالمِ بنِ عمرَ.

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾، فيه وجوبُ الغُسْلِ من الجنابة، وأن الوضوءَ لا يرفَعُهَا بالإجماعِ؛ ولكنْ يخفِّفها بما لا تُستَحَلُّ معه الصلاة، وقد استدَل أحمدُ بعمومِ الآيةِ على أن الرجلَ إن وطئ امرأتَهُ وهي حائِض: أنه يجب عليها الغسل للجنابةِ ولو لم ينقطع حيضُهَا؛ كما نقلَه عنه أبو يعلى، ونقَلَ عَنه ابن منصور التيسيرَ في ذلك (٣).

وبهذه الآية استدَلَّ أحمدُ على عدمِ وجوب الترتيب في غسلِ


(١) "مسائل عبد الله" (٢٧)، و"مسائل ابن هانئ" (١/ ١٤).
(٢) "شرح الزركشي" (١/ ٣٤).
(٣) "الروايتين والوَجْهَين" (١/ ١٠٠)، "ومسائل ابن منصور" (١/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>