للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعُها بالكوارثِ والأوْبِئةِ أو الأمطارِ؛ وذلك لِما فيها مِن منافعَ للناسِ في أنفُسِهِمْ مباشَرة، أو لنفعِها لِما يتعدَّى نفعُهُ للناسِ.

وفي هذه الآيةِ كما أمَرَ اللهُ نُوحَا مُوجِبًا عليه حَمْلَ الحيوان، فإنَّه يحرُمُ قصدُ نوعِ مِن الحيوانِ الذي يَنتفِعُ منه الناسُ بالإهلاكِ حتى لا يَبقَى منه شيءٌ.

* * *

قال تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)[هود: ٤١].

في هذه الآيةِ: استحبابُ ذِكرِ اللهِ عندَ ركوبِ الدابَّةِ والسفينةِ والطائرةِ وغيرِ ذلك، ولم يكنْ ذلك مقيَّدًا بسَفَر؛ فنُوحٌ لم يكنْ مسافِرًا قاصدًا جهةً معيَّنةً، ولكنَّه كان راكبًا طلبًا للسلامةِ مِن الغرَق، ثم إنَّ ذِكرَ اللهِ عُلِّقَ بالركوبِ هنا: ﴿ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ﴾، وكذلك في سورةِ الزُّخرُفِ قال: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)[١٣ - ١٤]، فجعَلَ الاستواءَ على ظَهْرِ المركوبِ مُوجِبًا للذِّكْر، والراكبُ يَركَبُ دابَّتَهُ في الحَضَرِ وفي أطرافِ المدينة، ولو كان ذلك مخصوصًا بركوبِ السفَر، لجاءَ تقييدُهُ بما تُقصَرُ فيه الصلاةُ، ولجَرَى في كلامِ الصحابةِ والتابِعيِن.

الفَرْقُ بينَ ذِكرِ الرُّكوبِ ودُعَاءِ السَّفَرِ ورُكُوبِه:

والواردُ عندَ السفَرِ ذِكْرٌ ودُعاءٌ، والواردُ عندَ الركوبِ مِن غيرِ سفَرٍ ذِكرٌ فقطْ:

فأمَّا ذِكْرُ لسفَرِ ودعاؤُهُ: فكما جاء في "صحيحِ مسلمٍ"؛ مِن حديثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>