وأمَّا ما جاء عن ابنِ عمرَ: أنه كان إذا أكدَ اليمينَ، أعتَقَ أو كَسَا، وإذا لم يؤكِّدها، أطعَمَ، وقيل لنافعِ: ما تأكيد اليمين؟ قال: أن يَحلِفَ على الشيءِ مرارًا (١)، فهذا مِن بابِ تقديمِ إبراءِ الذمةِ والأحَظِّ للفقيرِ والأنفسِ، وهو مِن بابِ البِر والإحسان، لا مِن بابِ الترتيبِ والإلزام.
تلفيقُ كفارة اليمين:
وجمهورُ العلماء: على أنَّه لا يَصيرُ إلى تقسيم الكفَّارةِ الواحدةِ على أكثَرَ من نوع؛ فبدلًا مِن إطعامِ عشرة، يطعِمُ خمسة، وَيكسُو خمسة، خلافًا لأبي حنيفةَ؛ فقد أجازَه بشروط، والتوسعُ في الجوازِ يفضي إلى مخالفةِ المقصودِ مِن الكفارة.
وعليه: فمَن قدَرَ على بعضِ الطعامِ وبعضِ الكِسوة، فله الإطعامُ أو الكِسوةُ عن بعض، وأما الصيامُ بما يَزيدُ عن مقدارِ ما نقَصَ؛ كمَن وجدَ ثلُث الإطعامِ في الكفَّارةِ أو ثُلُثَيها، فليس له أن يصومَ عَدلَ ما بَقِيَ، فلم يقُلْ بهذا أحد من السلفِ؛ ولمن قال به بعدهم شُبهةٌ؛ أنَّ اللهَ قال: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾، وهو واجد لبعضِه، واللهُ يقولُ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]؛ ولكنه قول مخالف لقولِ السلفِ عامَّةً.
مقدار الإطعامِ في كفَّارةِ اليمين:
وقوله تعالى: ﴿إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ لا حَد لمقدارِ الطعام، ويكفي فيه الإشباعُ للناسِ الأَسوِياء، ولا يدخُلُ في هذا غيرُ السويِّ التام كالطفلِ؛ فإنه تشبعُة تمرة وتَمرتان؛ وإنما المسكينُ السويُّ، ومَن جَمَعَهم على مائدة واحدةٍ، فأكلُوا، كَفَتْهُ.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٢٣٤٢) (٣/ ٨٥).