الأفعالِ المنبوذةِ التي لو رضِيَها الإنسانُ في عِرْضِ غيرِهِ، لم يَرْضَها في عِرْضِه؛ وذلك أنَّ النفوس تَعْمَى عندَ الحرامِ إنْ كان لها، وتُبصِرُهُ إنْ كان لغيرِها؛ لأنَّ المتعةَ إن قامتْ في النَّفْسِ، عَميَتِ الأنفُسُ عن التمييزِ.
في هذه الآيةِ: بيانٌ لحدِّ الزانيَيْنِ، وقد جاءتِ الآيةُ بالإطلاقِ هنا مِن غيرِ تفريقٍ بينَ مُحْصَنٍ وغيرِ مُحصَنٍ، ولكنَّ السُّنَّةَ قد خصَّصتْهُ بالبِكْرِ لا الثَّيِّب، وفي السُّنَّةِ تفصيلُ ذلك:
فأمَّا البِكْرُ:
فلا خلاف عندَ العلماءِ أنَّ عليه الجَلْدَ مِئَةً؛ لظاهرِ الآيةِ: ﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾، ولِمَا يأتي مِن أحاديثَ.
وأمَّا العبدُ والأمَةُ إنْ زنَيَا، فعليهما نِصْفُ ما على المُحصَنِ مِن العذاب ولو كانا ثَيِّبَيْنِ في قولِ جماهيرِ الفقهاءِ، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك عندَ قولِهِ تعالى: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]، وقد حَكَى غيرُ واحدٍ مِن الأئمَّةِ أنَّ العبدَ والأَمَةَ لا يُرجَمادِ في الزِّنى بلا خلافٍ عندَ السلفِ، وقد قال الشافعيُّ:"ولم يَختلِفِ المُسلِمونَ في أنْ لا رَجْمَ على مملوكٍ في الزِّنى"(١).