للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودِينِهم لأُمَّتِه، والوَلَاءَ للمؤمنينَ ودِينهم، ويُعظِّمُ الجهادَ ويُعِدُّ العُدَّةَ؛ ولذلك فمِنَ الفتنةِ في الدِّينِ: ألَّا يُفَرِّقَ الحاكِمُ بينَ سياسةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وحِكْمَتِهِ في مُهادَنةِ خصومِهِ ومُسالَمَتِهم، مع إعدادِ العُدَّةِ وتعظيمِ الجهادِ؛ انتظارًا لاجتماعِ القوةِ والقدرة، وبينَ مَن يتَّخِذُ مِن هذه السياسةِ بابًا لتعطيلِ الجهادِ والركونِ إلى الدُّنيا، بل والركونِ للكافِرينَ مِن دونِ المؤمِنينَ.

ومِن الأسبابِ الكونيَّةِ: إعدادُ العُدَّةِ والعَدَدِ لقتالِ العدوِّ، ويأتي تفصيلُ ذلك بإذن اللهِ في سورةِ الأنفالِ عندَ قولِهِ تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠]، وقولِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: ٦٥].

ومن المَعَاني الباطلةِ التي يُورِدُها بعضُ الفُقهاءِ في آيةِ البابِ: ما يستدلَّ به بعضُ فُقهاءِ الرأي المتأخِّرينَ على استحبابِ السَّدْلِ في الصلاةِ استدلالًا بهذه الآيةِ: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ}، وهذا قولٌ لا سالفَ له مِن حديثِ ولا أثَرْ، ولا يُقْبَلُ في لغةٍ ولا نَظَرٌ.

الجهادُ وحُبُّ الدُّنيا:

وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}، وقوله فيها بعدَ ذلك: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى}: إشارةٌ إلى أنَّ أعظَمَ ما يَصُدُّ الناس عن الجهادِ هو حبُّ الدُّنيا والخوفُ مِن فَوْتِها، وكلَّما تعلَّقَ الإنسانُ بالدنيا، تهيَّبَ الجهادَ ونَفَرَ منه وزَهِدَ فيه وكَرِهَهُ، وفي حديثِ نافعٍ عن ابنِ عمرَ، في "السُّننِ" مرفوعًا: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ، وَأَخَذتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>