الرضاعِ، وبالزيادةِ عليه لا تستحِقُّ الوالدةُ أجرةً ولو كانت مطلَّقةً، وإذا أرادَ أحدُ الوالدَيْنِ فِطَامَ المولودِ قبلَ الحولَيْنِ، فلا بُدَّ مِن تشاوُرِهما وتراضِيهِما على ذلك؛ دفعًا لإفسادِ حالِ الصبيِّ، ومنعًا لاستئثارِ أحدِ الزوجَيْنِ بمنفعةٍ بعدَ الفِطَامِ.
ورضاعُ الحولَيْنِ في الآيةِ عامٌّ في كلِّ مولودٍ، وهذا قولُ عامَّةِ المفسِّرينَ، وجاء عنِ ابنِ عبَّاسٍ تخصيصُهُ بمَن وُلِدَ وقد مَكَثَ ستَّةَ أشهُرٍ في بطنِ أمِّه، وينقُصُ الحولانِ كلَّما زادَ الحَمْلُ عن ستةِ أشهرٍ؛ لعمومِ قولِهِ تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥].
ومِنْ آيةِ الأحقافِ أخَذَ بعصُ العلماءِ: أنَّ أقلَّ الحملِ الذي يُولَدُ منه ستَّةُ أشهرٍ، ويأتِي تفصيلُ ذلك في موضِعِه بإذنِ اللهِ.
وبقولِه تعالى: ﴿حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ استدلَّ مَن قال بأنَّ الرضاعَ لا يحرِّمُ إلَّا إذا كان في الحولَيْنِ، واختلَفُوا في عددِ الرَّضَعاتِ، ويأتي في سورةِ النِّساءِ بإذنِ اللهِ.
واختلَفَ كلامُ الفقهاءِ في النفقةِ المأمورِ بها في الآيةِ؛ هل هي نفقةُ الزوجيَّةِ، أو نفقةٌ خاصَّةٌ للرَّضَاعِ؟ فلو أنفَقَ الرجلُ على زوحتِهِ وكَفَاها، ثمَّ أرضَعَتْ له؛ فهل يجبُ عليه الزيادةُ على ذلك لأجلِ الرضاعِ؟ على قولَيْنِ:
الأوَّلُ: قولُ مَن قالوا: هي نفقةُ الزوجيَّةِ؛ وقال به مالكٌ.
وقرينةُ ذلك: أنَّ نفقةَ الرِّزْقِ - وهي الطَّعَامُ والشَّرَابُ مع الكِسْوةِ -