للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إباحتُهُ، وإنَّما جَرَى في كثيرٍ مِن بُلْدانِ المسلِمِينَ بعدَ زمنِ احتلالِ النصارى لكثيرٍ مِن بلدانِ المسلِمينَ؛ فاختلَطُوا بهم وطال عليهم الأَمَدُ، فتطبَّعُوا عليه؛ وإلا فلا يُعرَفُ قبلَ عقودٍ قريبةٍ في مصرَ والشامِ والعراقِ واليمنِ فضلًا عن جزيرةِ العربِ.

وقد بَيَّنْتُ أحكامَ الاختلاطِ في رسالةٍ مستقلةٍ فتُنظَرُ، ويأتي مزيدُ نظرٍ في هذا الاختلاطِ عندَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦١]، وقولِهِ: ﴿لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾ [الحجرات: ١١]، وقولِهِ تعالى في قصةِ موسى في القَصَصِ: ﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ [القصص: ٢٣]، وفي قولِهِ في هودٍ: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ﴾ [هود: ٧١]، وفي قولِه في طه والقصصِ: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [طه: ١٠]، ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [القصص: ٢٩]، وتقدَّمَ الإشارةُ إلى ذلك في قولِه: ﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢].

ثانيًا: أنَّ المرأةَ تحيضُ ولا تَجِدُ دومًا ما تَسْتَثْفِرُ وتتحفَّظُ به، فيتنجَّسُ المسجدُ إذا أدامَتِ الاعتكافَ فيه بلا انقطاعٍ؛ وبهذا قال قتادةُ والربيعُ وعِكْرِمةُ (١).

وفي الحديثِ: دليلٌ على فضلِ المساجدِ وصيانتِها وتَطْيِيبِها؛ فعن عائشةَ؛ قالتْ: "أمَرَ رسولُ اللهِ ببناءِ المساجدِ في الدُّورِ، وأنْ تُنَظَّفَ وتُطَيَّبَ" (٢).

مرورُ الحائضِ في المسجدِ:

ويجوزُ للحائضِ العُبُورُ للحاجةِ في المسجدِ إذا أَمِنَتِ التنجيسَ؛


(١) ينظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٣٣٧ - ٣٣٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٥٥) (١/ ١٢٤)، والترمذي (٥٩٤) (٢/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>